اليونان بلاد الفلاسفة الأوائل يضيق به الخناق، والذي يراهن على بقائه المالي حيث يعمل على جبهتين مع بنوكه بهدف إبرام إتفاق لشطب الديون، وكذلك مع دائنين أوروبيين بدءوا طرح وتحريك فرض جديد.. إن الأمر يتعلق بمستقبل اليونان، لكنه رهان كبير أيضاً لـمنطقة اليورو، لأنه وبدون اتفاق مع الدائنين في القطاعين العام والخاص، لا يمكن تسديد "14.4" مليار يورو في المسندات تنتهي مهلتها في نهاية شهر مارس، هذا الأمر سوف يشكل عجزاً عن تسديد مستحقات، الأمر الذي يمثل تهديداً لمجمل منطقة اليورو وحتى خارجها.
اليونان بلد بدأت أزمة اليورو فيه عام 2009م، ويبدو أنه أقرب لخطر السقوط المالي أكثر مما كان في أي وقت من قبل، في الوقت الذي تمكنت إيطاليا وإسبانيا ـ الدولتان اللتان تعانيان من ديون ضخمة ـ من تطمين المستثمرين بأنهما قادرتان على مواجهة العاصفة، لكن اليونان تبدو أقرب ما تكون لإعلان إفلاسها بعد أسابيع، وذلك عندما يحل أجل سداد السندات ذات القيمة الضخمة، ويسود اعتقاد بأن اليونان قد أصبحت خارج احتمالات الاسترداد للديون، وبات من المرجح أن يسمح لليونان بالعودة عما قريب للأسواق المالية، وأنه يجري في الوقت الراهن تعويمها من خلال أموال الإنقاذ، لتلافي حدوث أضرار فادحة لمنطقة اليورو.
نفر من الاقتصاديين اليونانيين أشاروا إلى أنه يتوجب على الدائنين من القطاع الخاص الموافقة بسرعة على إجراءات خفض الديون المستحقة لهم على اليونان.. كما يجب على دول الاتحاد الأوروبي تقديم الدعم المطلوب، وعلى المواطنين أيضاً أن يدعموا بفعالية أجندة الإصلاح، كما على السياسيين التوصل إلى الحد الأدنى من الإجماع المطلوب لإجراء مثل هذه الإصلاحات ويتوقف كل شيء تقريباً في هذا الصدد على الانقاذ الثانية التي ستقدم لليونان بقيمة "130" مليار يورو والتي تم الاتفاق عليها في قمة الاتحاد الأوروبي نهاية العام الماضي واليونان مازالت تتلقى قروضاً من المبلغ المقرر في حزمة الانقاذ الأولى التي قدمت في مايو 2010م، والمقدرة بـ"119" مليار يورو.
صندوق النقد الدولي لديه شكوك بشأن قدرة اليونان على الوفاء بمتطلبات الترويكا، حيث كشف عن نص لمذكرة داخلية من صندوق النقد الدولي جاء فيها أن اليونان قد تأخرت بشكل كبير عن تنفيذ الإصلاحات الضرورية وأن الهيكل المالي لحزمة الإنقاذ يجب تعديلة بما يتفق مع الحالة الاقتصادية المتدهورة للبلاد.
يذكر في هذا السياق أن اقتصاد اليونان قد تقلص بنسبة 5.5% عام 2011م، وأن هناك إنكماشاً إضافياً متوقعاً في العام الحالي، أما البطالة فقد ارتفعت إلى 18%، وهذا الرقم سوف يرتفع بسبب خطط الحكومة الرامية لشطب 150 ألف وظيفة من وظائف القطاع العام بحلول عام 2015م، وتكافح اليونان من أجل إقناع دائني القطاع الخاص بالتخلي عن نصف مبلغ "205" مليارات يورو المستحق لهم عليه وهو المبلغ الذي يشكل جزءاً مهماً من حزمة الإنقاذ ولكن المشكلة هي أن بعض البنوك المدينة لليونان وعدداً من صناديق التحوط تعارض هذه الصفقة، وعلى ما يبدو أنها تتكهن إما بقدرتها على استرداد قيمة الدين النقدي بالكامل من اليونان أو إجراء ما يعرف بمبادلات إفلاس الائتمان النقدي، وذلك في حالة إفلاس اليونان وعدم قدرتها على سداد الديوان المستحقة عليها في موعدها.
هامش:
1. الاتحاد الاقتصادي 21/1/2012
2. الاتحاد العدد "13348" 21/1/2012
3. الحياة العدد "17825" 23/1/2012.
د.علي الفقيه
اليونان الغارقة في الديون وخطر الإفلاس 2135