أرجوكم لا تعترضوا الانتخابات، فهذا ما يريده ذلك التيه لابد أن يرى الشعب وكل باحث عن الحقيقة الصورة كاملة فيُعمل عقله والذي بالتأكيد سيهديه إلى صراط مستقيم.
بكل تأكيد أن مسار صندوق الاقتراع/الاقتلاع حقق هدفاً أولياً وهاما وهو رحيل رأس النظام ومن المنطق والعقل أن نكون مع أي جهة تمد يديها إلينا للعمل سويا لتحقيق أهدافنا.
عبد ربه منصور هادي هو يعلم تماماً أن من أوصله إلى هذا المقام الذي لم يخطر له على بال إنها الدماء بدافع الأحلام الوطنية نحو المستقبل المنشود من البناء لدولة النظام والقانون والمساواة والعدالة الاجتماعية، هو اليوم ـ أي عبد ربه ـ في مقام لا يحسد عليه لكنه سيدخل من خلاله التاريخ إن هو عمل وأعمل الآخرين لتحقيق أهداف الثورة المباركة والمجيدة، هذا لا يعني أن عبد ربه مهما حسُنت نيته تجاه الوطن وأحلام الشعب يعفي الشعب ونخبه من العمل وتقديم الرؤى الناضجة لكيفية تحقيق الأهداف وعملية البناء بالطرق المختصرة في جودة وإتقان.
وأحب أن أؤكد معنى العدالة بالاجتماعية فهناك عادلتان العدالة في القضاء والتخاصم لكن العدالة الاجتماعية لها دلالة مختلفة ومفهوما اقتصاديا بحت في وضع القوانين الكابحة للتوحش والرأسمالية التوحش من قبل أصحاب النفوذ، التوحش من خلال الاستخدام للآخرين من خلال امتلاك وسائل الدعة والراحة على حساب شقاء الآخرين وكدهم ونكدهم، فالموظف الذي ليس له مصدر دخل إلا مرتبه الذي لا يفي بالضروريات لم يكن يشكو من رأس النظام فقط لكن هناك دولة فوق رأسه ليل نهار من خلال الالتزامات الثابتة من الإيجارات الملتهمة لمرتبه وهو الذي لم تتوفر له ضروريات الحياة في الصحة والتعليم والاستقرار التنموي، فأي طارئ وقدر من السماء يضعه في كارثة تفضحه وتكشف ستره وعورته، لذا نريد حماية من التوحش العقاري ضد محدودي الدخل والطبقة العاملة المحركة لعجلة الحياة والتنمية.
ولا بد من قوانين منظمة لذلك لا تسمح للفحش العقاري أن يقض مضجع الطبقة الوسطى ليبقى العقوري فقط مهمته إحراق الناتج القومي المتوفر من جهد البسطاء والعاملين في ملذات وتعالي على طبقات المجتمع وإيجاد نوع من التنافر اللا إنساني بين أبناء المجتمع الواحد لما تشعر به الطبقة الواسعة من الشعب من ضيم وظلم وتعدي من فئة قليلة من الشعب تملك العقار أو المال للاستخدام السيئ ولا حماية من سلطة القانون.
يجب أن تفرض الضرائب العادلة التي تسترجع جزءاً من ذلك الجهد المبارك للشريحة العاملة المباركة وتنظم العملية ويكون التعاون من المستأجر مع الجهات الحكومية بالإفصاح بصدق عن المبلغ الذي يدفع لرب العقار، لا أدرى ما هي المصلحة لشخص المستأجر أن يكذب أن الإيجار الذي يدفعه للمؤجر مبلغ أقل مما يدفع فعلاً! وهل له مقابل من المؤجر حتى يكذب؟ أم أنه يكون أمام ألم فوق ألمه أن يكذب؟ وفوق ذلك يدفع أكثر وعلى المتحصل الحكومي أن يتحلى بالصدق والأمانة وتضبط العملية بالشكل الذي يكفل مورد تحصيل للخزينة العامة لإعادة توزيع الدخل بين أفراد المجتمع وهذا نوع مما تعنيه العدالة الاجتماعية التي تلوكها بعض الألسن لا تعي مدلولها.
لم نكن بين فكي النظام الذي ينتهي اليوم الثلاثاء 21من فبرائر المجيد والحمد لله، بل ما ننتهي منه اليوم هو فك والفك الآخر الذي يلوكنا هم الطبقة البرجوازية من رأس المال والعقار والنفوذ لكن بسبب من أداء النظام المنهية صلاحيته اليوم وتقصيره في مهامه التي كان يفترض أن تحمينا من هذه القوارض.
هناك فوبيا لدى البعض من مصطلحات ارتبطت بمدارس ومنها المدرسة الاشتراكية ومن هذه المصطلحات العدالة الاجتماعية والكادحين والبرجوازية وغيرها لابدّ من التخلص منها وإعادة النظر في عمق دلالتها فلم تأت من فراغ بل من معاناة لتلبي مطالب عادلة تجاه شريحة عامة من أجل التوازن ومن خلال معرفة عمقها الدلالي الذي أتى كما أسلفت من معاناة أساءت جماعة استخدامها بسبب من فرضها بالإكراه وبدون توعيه وأحرقت المراحل للوصول إلى الهدف والتطبيق ولم تتولد القناعة الكافية لدى من استهدفت إنقاذ حياتهم.
الرسول صلى الله عليه وسلم أتى إلى قوم يشركون بالله لكنهم على أخلاق فاضلة وقيم جميلة وخلاقة، فلم ينسف كل ما كان من أمر الجاهلية لكنه جاء ليتمم مكارم الأخلاق ولو افترضنا أن الروم أو الفرس أسلموا جميعاً هل سيفرض عليهم السمت العربي من اللباس والعادات أم سيتركهم إلى ثقافتهم وتميزهم للتعارف مع تتممتها بالكمال الإنساني الذي أتت بها الرسالة المحمدية.
إن ما تعمل به اليوم النظم المالية وما تدعي من إسلامية ليست إلا رأسمالية متوحشة لا تحقق معنى العدالة الاجتماعية التي تعزز الروح الوطنية والأخوية بين أبناء المجتمع الواحد.
وأخشى أن لا يكون للكادحين فرصتهم في بلورة رؤاهم الاجتماعية التي تحمي الطبقات الدنيا من المجتمع.
نحن لا نريد التصدق على مثل هذه الشرائح الدنيا بقدر ما نريد حمايتها وإطلاق حريتها لتعمل وتنتج وهي من تنتج فعلاً لتأتي الأسماك الكبيرة لالتهام ما نمّت وزرعت أو صنعت وأنتجت.
المصطلحات الرنانة من المواطنة والمساواة والعدالة، والعدالة الاجتماعية والحرية وسلطة القانون والديمقراطية والعقد الاجتماعي وكل ذلك حان وقت إدراك عمق دلالتها من أجل تحقيقها واقعاً تعيشه الأجيال.
طاهر حمود
تحرير المصطلحات ووعي دلالتها 1884