إن ما يجري اليوم في جميع المحافظات اليمنية وما يُعَد و يُجَهز و يُرتب له للمشاركة في الانتخابات الرئاسية (أو الاستفتاء ) سمه ما شئت, لدليل واضح على أن ثورة الشباب أنتجت وأثمرت أيما إثمار, قلبت الموازين وغيّرت نظاماً كان من الصعب حتى على الأحزاب أن تجتثه, أو أن تصل معه حتى إلى أنصاف الحلول المرضية لكلا الطرفين، لنكن واقعيين وصريحين: فلولا الله ثم الشباب لكان الأمر متأخراً بعض الشيء, لأن الأحزاب تلعب على النفس الطويل وتتحين الفرص وتبحث عن الوقت المناسب الذي يمكنها من الخوض في مثل هكذا تحدٍ, بعد أن تدرس الأمور بموضوعية وعقلانية وببطء شديد حتى تصل إلى أن المكاسب عظيمة والخسائر قليلة حينها تقرر وتحسم أمرها وتعلن استعدادها لأي نزال أو تنافس, مع أنني لا أنكر دورها الذي برز في ثورة الشباب العظيمة و التاريخية, إذ كان دورها لا يقل أهمية عن دور الشباب الذين بدأوا المشوار و استطاعوا أن يضموا إلى صفهم من جميع القوى من أحزاب وقبائل وعسكريين ومؤيدين وموالين للنظام, ومن جميع الفئات والمؤسسات والقطاعات والمنظمات و....الخ.
والذي كان لكلٍ دوره و مجاله في إنجاح هذه الثورة حتى أن الثورة الشبابية السلمية امتزجت بالثورة السياسية وشكلت خصماً قوياً و جداراً منيعاً لا يستهان به, إلا أن الأحزاب ( وأقصد بالأحزاب اللقاء المشترك ) نجحت في إزالة رأس النظام بسياسة وحنكة و دهاء, حيث أجبرته على التسليم وعلى نقل السلطة بشكل سلمي و سلس و مبكر, غير أن هذا النجاح بقدر ما هو للأحزاب إلا أنه يُحسب للشباب أولا و أخيرا, فلولا الشباب بعد الله لما رحل رأس النظام عن السلطة, و لما تحركت الأحزاب خطوة واحدة نحو هذا الاتجاه إلا بعد مراحل طويلة تتبع خطواتها السابقة في النضال والحوار والشد والجذب والأخذ والرد منذ زمن بعيد وسنين طويلة لا ينكرها إلا حاقد.
فالشباب استطاعوا بثورتهم أن يقحموا الأحزاب بمعتركٍ كان الكثير متخوفاً من عواقبه إلا أن معيّة الله كانت مع الجميع شباباً و أحزاباً, فليس للأحزاب حقٌ في إنكار دور الشباب البطولي وبأنه المتسبب في إشعال الثورة المباركة وإنجاحها والوصول بها إلى ما نحن عليه الآن من تغيير, بينما في المقابل لا يحق للشباب أن يُنكر دور الأحزاب التي بفضلها بعد الله تحقق الحلم الشبابي والشعبي, وانتصر الجميع لقضيته الوطنية ولهدفه المنشود الذي كان حلماً يتمنى تحقيقه الأجيال منذ 33 عاماً, إلى أن جاء هذا اليوم التاريخي والذي هو يوم الثلاثاء الموفق 21/ فبراير/ 2012 يوم ميلاد جديد لليمن السعيد, والذي ضحى من أجله كل معتقل وجريح وشهيد، فهنيئاً للشهداء وهنيئاً للجرحى وهنيئاً للشعب اليمني بأكمله .
فايز شريف الأنصاري
وانتصر الجميع للوطن 1577