تتجسد هذه الآية أمام عينيك حين تمر بأي شارع من شوارع مدننا وفي الأسواق بالذات، حيث ترى مختلف أنواع الفواكه والخضروات في لوحة بديعة لا يشوهها إلا منظر أكوام القمامة من حولها، وتشعر بصدق هذه الآية أيضاً - وكل كلام ربي صدقاً وحقاً- حين تتأمل ما منحنا إياه رب العزة من خير كثير يتجلى بمناخ متنوع وتربة صالحة لزراعة مختلف أنواع الحبوب والفواكه، تتساءل حينها لما ذكر الله سبحانه أنه غفور بعد بلدة طيبة؟!.. هل لأننا أناس لم نقدر ما منحنا إياه الكريم من نعمة، فاستبدلنا زراعة الحبوب بزراعة تلك الشجرة اللعينة "القات" فقط لأن الربح فيها سريع ومنها نجني أموالاً طائلة ولا نفكر بما تسببه لنا من ضياع للأوقات وأمراض ليس لها حصر ولا دواء.
في قريتنا كانت تزرع أجود أنواع الذرة البيضاء والذرة الشامية وكان القات لا يحتل سوى مساحة بسيطة من الأراضي الزراعية، لكن نشأت أجيال لا تأبه إلا بجمع المال فحسب، لذا حولوا كل أراضي القرية إلى مزارع للقات حين وجدوا أن له ربحاً كثيراً مكنهم من بناء بيوت كالقصور وأصبح عند كل بيت مجموعة سيارات وحسابات في البنك.
وفي نفس الوقت انتشرت الأمراض بشكل غريب وملفت حتى لم يعد يخلو بيت من مريض أو من طفل معاق.
ولولا رحمة الله بنا وسعة مغفرته لما أبقى على ظهرها من دابة تمشي لما وصل إليه حال الناس من إهمال لدينهم وانشغالهم عن آخرتهم وإفسادهم في أرض طيبة كان يمكن لها أن تصبح جنة على الأرض يشبع الناس من خيراتها.
منحنا سبحانه نعماً وخيراً كثيراً، لو استغليناه بشكل صحيح لما احتجنا لمد أيدينا للغير بقروض ومساعدات قيدتنا وجعلتنا ملك أيديهم يسيرون ساستنا كيف شاءوا ويتحكمون بمصير بلادنا وفق مصالحهم، لأن أغلبية الشعب مشغول فقط بساعة تخزينة تنسيه همومه وتجعله يحيا في عالم من وهم صنعه له الكيف .
جواهر الظاهري
بلدةُ طيبة وربٌ غفور 1843