معجزة وإعجاز
معجزة:
أيد الله سبحانه وتعالى أنبياءه بمعجزات باهرات ظاهرات لتكون دلالات على صدق ما جاءوا به، و جعل لكل نبي معجزة تناسب قومه وزمانه، وكانت معجزات وقتية وانية، إلا المعجزة الخالدة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهي باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهي القرآن الكريم، المعجزة والإعجاز فكان معجزة لأنه أمر خارق للعادة، معجزة في فصاحته وبلاغته ,وتأثيره على النفوس بل وعلى الجماد " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله"
معجزة في إخباره وقصصه وعلومه ومعارفه وإحكامه وشرائعه, إلى غير ذلك من أوجه الإعجاز التي لا زال الناس يكتشفون منها في كل زمان ومكان وفي كل مجال إعجاز علمي وبياني ولفظي وعددي وجغرافي و لا يزال اعجازه يظهر يوماً بعد يوم مصداقاً لقوله تعالى " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"
إعجاز:
وكان القرآن إعجازاً لم ولن يستطيع احد أن يأتي بمثله ": قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا {
وقد حاول مسيلمة الكذاب محاكاة القرآن فقال كلاماُ مضحكا:
قال: " والزارعات زرعا، والحاصدات حصدا، والذاريات قمحا، والطاحنات طحنا، والخابزات خبزا، والثاردات ثردا، واللاقمات لقما، لقد فضلتم علي أهل الوبر، وما سبقكم أهل المدر ".
وقال معارضا لسورة الكوثر: " إنا أعطيناك الجواهر، فصل لربك وجاهر، إن مبغضك رجل كافر ".
: " ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين شراسيف وحشا ".
وقال آخر: " الفيل وما الفيل وما أدراك ما الفيل، له ذنب وثيل، وشفر طويل، وإن ذلك من خلق ربنا لقليل ".
ثم جاء جماعة من المتأخرين، فتعرضوا لمعارضته، كابن المقفع والمعري والمتنبي، ونظراء لهم، فلم يأتوا إلا بما تمجه الأسماع، وتنبو عنه الطباع، ونادى عليهم بالخزي والانقطاع، وصيرهم مثلة وسخرية وضحكة إلى أن تاب أكثرهم، وأظهر ندمه ونسكه.
انه كلام الله:
أريدك أن تستشعر انه كلام الله جل في علاه, وانظر كيف نهتم بكلام الفلاسفة والخبراء والعلماء والشعراء، وكيف هو حالنا مع كتاب الله القرآن الذي خشعت له قلوب الجن ولم تخشع له أكثر قلوب الإنس فقالوا " إنا سمعنا قرآناً عجبا "
القرآن الذي سمعه رأس الكفر الوليد بن المغيرة فقال" أن له لحلاوة وان عليه لطلاوة وان أعلاه لمثمر وان أسفله لمغدق"
القرآن الذي اهتز له قلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاسلم بعد سماعه بعض آيات منه القرآن الذي لا نتلوه إلا في المآتم، و على القبور، القرآن الذي لا يعرفه البعض إلا في رمضان القرآن الذي تعجب لدكتور أو بروفسور عربي مسلم لا يستطيع أن ينطق كلماته بالشكل الصحيح القرآن الذي نرمي تفسيره في براميل القمامة ثم ندعي أن قس أمريكي يتعمد إهانتنا بحرق المصحف، والله أن ما يريد فعله أرقى مما نفعله نحن وما أجمل ذلك البيت الشعري الذي شخَّص فيه الشاعر حالنا وأمراضنا قائلاً:
وقالت ليه يا شاعر تهاوت أمة القرآن
فقال: تمر شهور ما نقرأ ولا سوره
القرآن الذي كثر حافظوه وقل العاملون به، فلا يكاد يجاوز حناجرهم ورب قارئ والقرآن يلعنه "يقول" إلا لعنة الله على الظالمين " وهو مصر على ظلم الناس يقول" ألا لعنة الله على الكاذبين "وهو يتخذ من الكذب مهنة، بالله عليك أيها القارئ سل نفسك " متى كانت آخر مرة قرأت فيها سورة من القرآن" وارجع إلى بيتك وابحث عن مصحفك، وتفقد أحواله, هل يكسوه الغبار، وهل تعلوه الأغراض والملابس والمجلات
لماذا هجرناه:
وصدق فينا قول ربي عز وجل: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ ] قال ابن القيم في كتابه القيم " الفوائد ": وهجر القرآن أنواع: أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه, وقد استبدلنا سماعه بسماع الأغاني، والموسيقى والكثير يستخسر مائتين ريال في شريط كاسيت فيه سور القرآن الكريم ولكنه يشتري شريط الأغاني بسعر مضاعف " ونفسه راضية"
والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به.
و لاشك أن القليل منا هم الذين يقفون عند حلاله وحرامه
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، وكيف نحكمه ونحن نعد الاحتكام إليه تطرفاً ورجعية
والرابع: هجر تدبره وتفهمه، ومعرفة ما أراد المتكلم به منه. ونحن نقرأ القرآن بسرعة فائقة وكل ما يهمنا هم الانتهاء من الورد
والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره، ويهجر التداوي به ... وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.
وهذا النوع الوحيد الذي لم نقترفه، فعيادات التداوي بالقرآن مليئة بالزوار و الأمراض وان كان البعض قد اتخذها مهنة لا يراعي حدود الشرع فيها
إضاءة:
يقول صلى الله عليه وسلم : "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين"
ويا محبي النبي تابعونا
وصلوا على هادينا
المصطفى طه نبينا
هو خير العالمينا
ابن عبد الله
alkabily@hotmail.com
أحلام القبيلي
الربيع الإنساني "5" 2478