عاشت الشعوب العربية ردحاً من الزمن تتجرع فيه غصة الأنظمة البوليسية فانتفضت لا تلوي على شيء وكانت الثورات التي امتشقت حسام الصمود والذي جالدت به الجلادين بصبر وإباء أذهل العالم وتحول ذلك الأنين إلى زئير تردد صداه في عواصم مختلفة, وشب عن الطوق ذلك العربي الذي ظل حبيس القهر والحرمان وعبر قطار الثورة انتقلت النقمة الثورية من دولة عربية إلى أخرى وكان لأرض الشام نصيب وسار الثائر السوري يطلب الخلاص من نظام عائلي بغيض, وانتفضت المدن والأرياف فمن دومه الى الرستن الى ريف دمشق شقت الانتفاضة طريقها ورص الثوار صفوفهم بمختلف طوائفهم ومذاهبهم، وتبايع الجميع بيعة الإصرار على المضي قدماً مهما كانت التضحيات ونادى المخذول بشار أن عودوا إلى بيت الطاعة فصرخت الجموع لن نبرح الساحات حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين وحاول النظام أن يقدم إصلاحات سياسية، لكنها تهاوت كالعرجون القديم ولن يشفي الصدور غير الرحيل, وهنا جن جنون المستبدين وتنادوا فيما بينهم على عقر ناقة الثورة وتسربل السفاح الثالوث البغيض الذي عانى الشعب منه( البعث والنصيرية والحكم العضوض) وهنا تلاشت إنسانية الأسد الأخ وانتقلت الجينات الوراثية القاتلة من السفاح الأب إليه ليكرر مأساة حماة التي دك حصونها بحقد بربري بغيض .
وسكت العالم نحو حماة أولاً لأنها ذات أبعاد سياسية لخصوم الأمس من الإخوان المسلمين الذين كان الغرب يسوقهم كانتهازيين وغابت الحقيقة ثانياً عن المجازر الوحشية بانعدام التوثيق الإعلامي, لكن حماة اليوم ليست كالأمس فقد كشفت كاميرا الحقيقة حجم الدمار الذي خلفته كتائب الطغيان وتناولت صور المأساة في سوريا أروقة ساسة العالم وتنادى البعض للنصرة وتدخل مقص الرقيب السياسي ليواري الحقيقة وفشل الحل العربي لتنتقل القضية إلى الأمم المتحدة، لكن طاولة القرار انقلبت بحماقة الدب الروسي والأحمق الصين، ولا غرابة أن يسبح الروس وغيرهم إلى مصالحهم عبر نهر من دماء الأطفال والمكلومين في سوريا وهو منطق النفعية والانتهازية التي يتعامل الغرب معنا وهي شريعة الغاب التي ينظر لها عالم المادة فلا غرابة أن ترى الأسد يضرب الضحية
فيأتي الدب الروسي ليجهز عليها وهكذا نرى الإنسانية التي يتنادى بها الغرب تحولت إلى سراب, ودم المسلم من أرخص الدماء وما هذا ما يتعامل به المجتمع العالمي به معنا يصيحون من العنف والتطرف ضد الغرب وهم يذكون شرارته بمواقفهم المشينة من القضايا العربية.
فأمام صفقات الأسلحة الروسية التي يتلقاها بشار، تتهاوى الإنسانية وليس بغريب على المنظومة السوفيتية التي تربعت على المشهد العالمي ردحاً من الزمن فبجماجم المستضعفين من الطاجيك والأوزبك وغيرهم بنت عرشها, ولعل العالم لم ينسى تلك الحقبة التاريخية السوداء للدولة السوفيتية.
واني أقول للثوار السوريين لا تعولوا على طاولات المفاوضات ولا على المحاولات البائسة التي تخلت عن نصره غيركم ولكن أروا الله من توكلكم وصبركم وتماسكم وثباتكم خيراً فهو وحده ناصركم وقاهر عدوكم.