رغم حيرتي الدائمة وحسرتي الكبيرة.. لا أدري هل أعاتب أم ألوم وإن مددت إليكم كلمات عتاب أحسبها نيران ملتهبة فهل يا ترى كلماتي تجدي نفعاً..
فبالله عليكم أيها الخطبا، الوعاظ، العلماء الأكارم، ماذا عساني أقول لكم وأنتم من نتلقى منكم وعلى أيديكم المنهج السماوي والشريعة السمحاء والمكارم المنبثقة عن سنة الحبيب - صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله..
أيها الخطباء أين تلك المنابر الجميلة الذكر مما نرى ونلمح في تلك الشوارع والطرقات؟ ولماذا كل فرد منا يوكل المسؤوليات على أناسٍ آخرين وجهات معينة؟ لماذا غابت عنا النصيحة، فالدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال (الله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) وأين أنتم من قوله صلى الله عليه وسلم من (رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) وأين أنتم من وعظ الناس وإرشادهم لتجنب تلك المنكرات والأخطاء والذنوب فبكلمة طيبة ووعظ وتعاون بين أفراد المجتمع تصنع كل المعجزات فأين (حزمة الأعواد المتشابكة التي لا يستطيع أي كان كسرها وهي متماسكة.. لا تنتظروا عمّال البلدية والقائمين عليهم فقد ربما إنهم في قيلولة ولم يفق منهم أحد بعد، دعونا نقتدي بكم ونسير على خطاكم، خذوا بأيدينا، حثونا على البر والتقوى والعمل بما يرضى الله بأفعالكم قبل أقوالكم، فما فائدة الأقوال دون فعل فليأخذ كل خطيب وإمام مسجد بعد أدائه لخطبة الجمعة أو جلسة ذكر، بعد أي صلاة شباب حيه و وحارته التي يسكن فيها ويرفعوا مخلفات الطريق سواء بأيديهم أو بعربات النقل أو القلابات فأين (إماطة الأذى عن الطريق منا) حينها أقسم إنه سيتجاوب الكل مادام هناك قدوة وتحفيز وحتى من كان جالساً في المنزل سيخرج ملبياً ومرحباً لنداء الحق وذلك العمل الرائع ولكن متى تنطلق أول بادرة وممن، فاليد العليا خير من اليد السفلى..
إنني أحملكم أمانة ما نراه اليوم وكل يوم، فنحن لا نستطيع حتى تنفس الهواء جراء تراكمات (الزبالة - القمامة - المخالفات) وأصبحنا نعيش في مستنقع ووحل لا خروج منه إلا بالتعاون والتكاتف، فأين أنتم من تخصيص يوم بل أيام لتنظيف المدن والشوارع حتى نعبد الله على بصيرة وننتسب لدين الله ونحن نستحق ذلك وإلا فما فائدة دين بلا عمل ولا اقتداء ولا تطبيق.
أخرجوا أيها العلماء والخطباء والوعاظ، من لديه كلمة مسموعة.. ونحن على دربكم سائرون يداً بيد، بالقلم واليد والفعل نصنع يمناً جديداً والله لو أستطيع أن أزرع في كل زاوية من اليمن عامل نظافة وشجرة لما ترددت لحظة ولو أستطع أن أرفع كل ما أجد في طريقي أو ما أجد أمامي ولا يفسد عملي أحد لما ترددت ولكن ما فائدة من فعلي وورائي ألف عديم للمسؤولية..
أيها الخطباء الأفاضل، كلنا مسؤولون ولكن أنتم قدوة الشعب، ففيكم كل الخير، لا تنسوا أبناءكم، أبناء هذا البلد من ما حباكم الله به، فمنا العالم والمتعلم والجاهل.. خذوا كل ذي عقل على قد عقله كما يقال وزيدونا اهتماماً، فنحن بحاجة إلى نصائحكم وإرشاداتكم في كل أمرٍ من أمور الأمة والوطن.
إنني أرجوكم رجاء بأن تكثفوا نصائحكم وأفعالكم وأن تخرجوا العمال والأطباء والمهندسين والمعلمين والطلاب والمرازعين من الروتين الدائم وقوموا ببادرة حملة جماعية بكل المقاييس إعلامياً وثقافياً وعلى منابركم لتنظيف البلاد ونفوس العباد وبدلاً من استعداد الشباب ليوم الحب وغيره من الأيام، أبدلونا ببدائل نحبها ونعمل من أجلها فلماذا؟ ومتى؟! فهناك مثل يقول، "اليد الواحدة لا تصفق" وهذا فعلاً حقيقة فقد قمت ببادرة حول النظافة وقلت لكل من قرأها إن النظافة تشتكي منا واليوم أعود لأقول إن الشوارع تبكي بكاءً مراً منا ومن أفعالنا "مررت بالأمس بأحد الشوارع فوجدت فيه أحد الناس المعدمين يأكل من الفضلات الملقاة على الطريق ما جعل قلبي يعتصر ألماً فذهبت لأقرب محل فأخذت له شيئاً يأكله ورجعت إليه وكلي فرح أنه سيأكل منه ويترك القمامة التي يقتات منها وكأنه على وليمة لحم فما إن مددت يدي إليه حتى قال خذيها بعيداً عني وإلا رميتها وعاد ليأكل ألا تلاحظون شيئاً بل عدة أشياء.. الأول إن التلوث لم يعد يجدي معنا ومع ذلك فهؤلاء أصبحوا في مناعة من كل شيء حتى الجراثيم والشيء الثاني "التعود والروتين المستبد" فقد تعود على ذلك الوضع لعدم إيجاد البديل لما هو عليه من فقر..والشيء الثالث أنه لا بد أن نجد حلاً لهذه الأمور وعدم ربط كل الأخطاء لتلازمنا فتصبح "عادات" وطبعاً مُملاً.
خطباؤنا ووعاظنا الأعزاء وكل فرد في المجتمع اليمني الغالي إن كلماتي لكم جميعاً بكل فئاتكم، وأجناسكم ولا بد أن ندرك جميعاً أن عوامل التآكل، والتي تؤثر مع مرور الزمن على الجمادات تؤثر على تفكيرنا وإبداعنا وقدراتنا فإذا لم نقم بتطوير طرق التفكير لدينا فإن العقل يصبح متخبطاً وغير متجاوب ولكي نكون مبدعين فيما نقوم به يجب أن يعلم كل فرد منا أن هذه عملية تستمر مدى الحياة فهي غير مرتبطة بتمارين ذهنية لفترة زمنية محدودة لإنها تصبح مع مرور الزمن منهجاً وأسلوب حياة، فلنغير بيئتنا ولنحدث التغييرات أولاً على أنفسنا وما حولنا من وفي كل شيء ولتعلموا أحبتي أن التخطيط الجيد لأي عمل هو من يصل به إلى ذروة النجاح والأخذ بيد الآخرين ليصبحوا فاعلين ومبدعين وهذا بحد ذاته قمة نجاحاتنا فنجاحنا وصعودنا إلى القمم هو برقي ومعاونة الآخرين.
إذن فلنصعد القمم بترفعنا عن النقائص والصغائر وشحذ الهمم فلتشمروا عن سواعدكم علماء، أئمة خطباء.. معلمين.. أطباء الخ كل فئات هذا البلد الحبيب، دعونا نصل بكم ومعكم إلى مصاف الدول، فماذا ينقصنا غير الإرادة القوية لتغيير كل ما أفسدناه بأيدينا وبأفعالنا التي تخلو من المسؤولية والحب لهذا الوطن.
وأعود لأقول إن القطرة على القطرة تصبح جدولاً انهضوا كل منا من مكانه، فالموعظة الحسنة تلين العقول وترقق القلوب وتشد العزم، فاليمن مسؤولية الجميع فلا تلوموا أحداً فكلنا مذنبون.. أسأل الله ربي أن تصل كلماتي إلى كل قلب وأذُن وعقل يمني غيور على بلده..
فاطمة العمري
قف.. إنك مسؤول.. 1943