هل كانت تنقصنا الأعياد لنخرج في ثورة كي نصنع عيداً.. هرع الناس إلى الميادين ثوارا.. وغادروا المنازل ثائرين.. دخلوا الخيمات ليجدوا أنفسهم يتقنون حد الإبداع تنظيم المهرجانات والاحتفالات أخيرا والثورة لها بيان يصنع لها الانتصارات في المطبخ السياسي لشركاء الثورة ومشركيها ولم يكن ذاك ما ينشدون قبل أن ينال منهم مفعول النبيذ السياسي..
أن نصنع عيداً ونبتسم يأساً في برتوكولات التقهقر ليس هدفاً لثورة بحجم العظمة طالما يسهل للراقصات إحياء سهرات صاخبة بالزغاريد والتصفيق وطالما الخيمة تنجب المعجزات وتصنع الساحات ثورات ناضجة كثائريها..
جيوش المسيرات، قعقعة الهتافات، هيبة الصدور العارية.. كيف لهؤلاء أن يجدوا أنفسهم محبطين، فيبتسمون للقدر المشين ويصفقون وراء الكاذبين المنقادين إلى حيث "الكرسي والصندوق والمومس السلطة"، كيف لهم أن يسبحوا نشيد النضال بصدق ويرددون وراء قوى الالتفاف: "اللهم لا ثورة".
الخيمة لا زالت حبلى بالثوار لم ينته موسم المخاض بعد في الوقت الذي عادت ذكرى 11 فبراير واستعذب البعض أن يطفئ الشمعة الأولى من عمر الثورة الممتدة من صالح حتى آخر صنم في بلادي من أوثان السياسة.. في هذا الوقت يستعد فيه الثوار لإذكاء الصرخة الأولى لانطلاقة كبرى إزاء اقتلاع الفاسدين..
ثورة.. كلمة مزلزلة والثائر مصطلح لا يفقه فن التهاون ولا يتهاون مع فقه الثورة؛ إنهم لا يؤمنون بثورة لا تغسل الوطن من درن العابثين، يكفرون بكل ثورة طالما خالط الشك نجاحها وزيَف القصور حلاوة الإيمان بها.. لا يرتضون بثورة قد تحمل ـ ضمنياً ـ صفة العاجزين حين تقتلع رأس النظام وتساوم بقاياه وتطارحه السلطة والفراش الواحد على قاعدة "فلنقتسم السرير نصفين" فذك هو العهر السياسي بعينه..
لا زالت الخيمة حبلى بأشبال لا يعلنون نجاح الثورة إلا حين يفلح الوطن، حين يكون بمقدورهم أن يقولوا للفقر زُل فيزول وينشدون للنصر كوناً في نفوسهم فيكون.. إنهم لا يبحثون عن وطن لتخصيب ثوراتهم طالما لهم بلداً مسلوباً؛ مهيئاً لان يكون قابلاً للثورات حتى في ظل سلطة المهوسين بالقصر من الذين عمدوا على إيهامنا بالنصر وزفوا لذلك سراب البشائر وقدموا لعروس الخيانة قرابين الشهداء وذبحوا على فضاض السلطة آمال البسطاء وطموحات نضال وزحف على الأسنان لسنين.