;
د. ضياء العبسي
د. ضياء العبسي

الصفة الثورية لأحداث2011م 1873

2012-02-12 03:03:58


عندما اشتعلت ثورات الربيع العربي بدا البعض غير مصدق لما يدور أو مستوعباً لمجريات الأمور، لكن من جانبنا أدركنا ومن الوهلة الأولى وخلال فترة تسارع الأحداث وانتقالها بشكل حثيث من تونس إلى مصر، أنها مظاهر ثورة تنتقل بين الأقطار العربية نتيجة أسباب محددة يمكن إجمالها بالآتي:
 أولاً: العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية.
 ثانياً: طهارة ونقاء سريرة الشباب العربي الذي تولى بنفسه من منطلق صاحب الحق وأمل المستقبل العربي في إشعال هذه الثورات.
 ثالثاً: الفساد المتفشي في مفاصل الدولة اليمنية الذي كان عاملاً فاعلاً ومؤثراً في تأخر بناء الدولة المدنية الحديثة وتطورها في اليمن.
 ويذهب الكثير معنا في هذا الاتجاه مع التسليم بوجود اتجاه آخر يصور الأحداث على أنها مؤامرة تحاك ببعض الأنظمة السياسية العربية أو يؤكد على وجود جانب من المؤامرة على أقل تقدير.
 وقد اختلفت أساليب الأحزاب العربية في التعامل مع هذه الأحداث وفق الرؤية التي حددتها وكيفت على أساسها مجريات الأمور التي جرت العام الماضي وسنحاول هنا تحليل أساليب الأحزاب العربية في التعامل مع هذه الأحداث.
 لقد كان حزب المؤتمر الشعبي العام حزباً تنظيمياً ذا إيديولوجية وسطية تم رسمها وتحديدها في ميثاقه الوطني وهي إيديولوجية لها أسس شرعية مع التزام منهج الوسطية والاعتدال بالشكل الذي يخرج قواعد الشريعة وأصولها العامة في إطار حديث متطور أو هكذا يبدو لنا من خلال اطلاعنا على الأفكار الأساسية للمؤتمر الشعبي العام.
 إلا أن التكتلات داخل هذا الحزب الواحد وفق إيديولوجيات متعارضة (أو كما يطلقون عليها تيارات) تجد البعض منها أن علاقاتها بأحزابها الأم هي الأمتن والأقوى بالشكل الذي يجعل علاقتها مع هذه الأحزاب أكثر بروزاً ووضوحاً من الانتماء لحزبها التنظيمي (المؤتمر الشعبي العام) مع الفشل في تحقيق الدمج الفعلي لمكونات الحزب في إطار إيديولوجي واحد كما هو محدد بوضوح من الناحية النظرية، حيث أن الواقع بعيد الصلة تماماً عن الجانب النظري.
 بالإضافة إلي التوجه نحو تحقيق المصالح الفردية على حساب المصلحة العامة وانتشار الفساد وعدم وجود رؤية واضحة ومتطورة كل ذلك من الأسباب التي نراها كافيه لإشعال ثورة.
 وفي تقديري إن ما زاد الثورات اشتعالاً وما ترتب على ذلك من رفع مستوى معانات الشعوب العربية في دول ثورات الربيع العربي العوامل الآتية:
أولاً: أسلوب التعامل مع هذه الثورات وبطء الاستجابة لمطالب المحتجين.
ثانياً: انتهاك الحقوق والحريات الأساسية للثوار وأصحاب المطالب المشروعة.
ثالثا: وهو عامل أكثر وضوحاً في الثورة اليمنية وله دوره البارز عن الدور الذي أثر به في ثورات الربيع العربي الأخرى ويتمثل هذا العامل في دخول الأحزاب الساحات وإعلانها مشاركة الشباب ثورتهم ورغم أن هذا العامل متوفر في ثورات أخرى مثل الثورة المصرية إلا أن أسلوب التعامل في الثورة اليمنية مختلف، فأحزاب المعارضة اليمنية لم تكن متحدة مع شباب الثورة اليمنية في الوسائل وإن كانت متحدة في الهدف.
 حيث آثرت هذه الأحزاب التوجه نحو الأسلوب السياسي في التعامل مع الأحداث والابتعاد عن الأسلوب الثوري والتوجه أحياناً نحو تعقيل الشباب والحد من اندفاعهم وهو أمر مختلف عن دور الأحزاب المصرية في ثورتهم على سبيل المثال ولهذا الأمر مسبباته والتي يمكن ذكر بعضها كالآتي:
الأول: إن بعض أحزاب المعارضة لم تكن معارضة بمعنى الكلمة، بل كانت أحياناً تشارك الحزب الحاكم السلطة والثروة إذا اقتضت الظروف السياسية ومصلحة الوطن ذلك.
وذلك على عكس الأحزاب المعارضة المصرية التي ظلت معارضه طيلة حكم (مبارك)، بل إنها عانت وبشكل متفاوت من ممارسة العمل السياسي في ظل قانون الطوارئ بأحكامه المحددة والمقيدة للحريات وممارسة الأنشطة السياسية.
ثانياً: العلاقة الوطيدة بين السعودية وبعض الأحزاب المعارضة وبعض القبائل اليمنية لأسباب معروفة.
ثالثاً: إذا نظرنا نظرة عامة لكافة الأحزاب العربية المعارضة، فإننا نتذكر هنا قول بعض الثوار المصريين بعد اشتعال الثورة المصرية وهم يتحدثون على إحدى القنوات المصرية عن مراحل الثورة التي سبقت تنحي (مبارك) وهي مراحل ولحظات رغم قصرها إلا أنها كانت مؤثرة وفاعلة وحاسمة، حيث قالوا( كانت أحزاب المعارضة المصرية تحاول التفاوض مع الحزب الوطني الحاكم آنذاك في مصر ومحاولة القبول بعدد معين من المقاعد في البرلمان مقابل إنهاء الفعل الثوري) وهي سمة عامة لأسلوب أحزاب المعارضة العربية في التعامل مع الواقع السياسي العربي.
رابعاً: وهذا العامل له علاقة بالواقع اليمني ولم يتحقق بالنسبة للواقع الثوري في مصر وتونس، حيث أبرزت الثورات العربية عراقة المؤسستين العسكريتين في كل من تونس ومصر ومدى الجهود التي حققتها كلا الدولتين في بناء وتكوين هذه المؤسسة بالغة الأهمية التي يرتكز عليها حماية الوطن وسلامة ترابه.
 بينما أظهرت الثورة اليمنية مدى الخلل في تكوين الجيش اليمني، ولعل سبب ذلك يعود إلي قصر مدة تكون الدولة الحديثة في اليمن، حيث يسيطر الطابع السياسي على تكوين المؤسسة العسكرية وأسلوب أدائها لوظيفتها، مما ترتب على ذلك انشقاق الجيش اليمني ولهذا العامل تأثير واضح في تأخر تحقيق أهداف الثورة اليمنية.
وفي تقديري أن هذا العامل كان له تأثيره الواضح في الانتقاص من مدنية الساحات الثورية، حيث كان يجب على شباب الساحات - من وجهة نظري الخاصة- أن يفرضوا مدنيتهم على إدارة الساحات بالشكل الذي يسرع من تحقيق أهداف الثورة ويمنع اللبس في فهم الواقع الثوري .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد