كانت فكرة ثورة 48 مقدمة تاريخية لثورة 26 سبتمبر وللثورة الشبابية أيضاً، فالتّرابط الفكري بين الثورات الثلاث يدلل على وحدة المقدمة واختلاف الوسائل الثورية ووحدة الغاية الثورية، ذلك أن مقدمات المراحل الثورية التاريخية لا تخرج عن أن الشعب اليمني يعيش مرحلة انحطاط حضاري أدت لتخلفه اجتماعياً وخروجه من التاريخ، وأراد الثوار إخراج الشعب من هذه المرحلة بإزاحة الأنظمة السياسية التي تقف عائقاً أمامه وأمام طموحه الحضارية.
هذه هي المقدمة الحقيقية للثورات الثلاث وهي الدافع الاستراتيجي المعلّل لها وإن اختلفت المصطلحات المعبرة عن هذه المرحلة، غير أن وسائل الإنجاز الثوري في ثورتي 48 وسبتمبر اعتمدتا على تغيير الشكل السياسي بقوة السلاح، في حين أن ثورة الشباب السلمية ارتكزت على منهجية السلمية والحاصل أن تغير وسائل التغيير الحضاري للثورات يدلل على نمو الفكرة الثورية ونضوجها بتغيير طبيعة الجيل الثوري نفسه مع الاحتفاظ بوحدة الفكرة والغاية وهذا التوحد يسوقنا إلى القول إن قدرة الجيل الثوري السابق اندمجت مع إرادة الجيل الثوري اللاحق لتصنع من القدرة والإرادة إنجاز ثورياً آنياً رائعاً، يتناسب مع الجهد الثوري والمرحلة التاريخية التي نمر بها، لقد قصدت من هذا السرد التاريخي المبسط القول إن ثورة الشباب السلمية ما هي إلا نتيجة إطراد ثوري تاريخي اشتركت فيه كل الأجيال السابقة للثورة السلمية بشكل ثوري أو بصورة فكرية أو حتى بتحمل معاناة مراحل الانحطاط والتخلف التي عاناها وما يزال الشعب اليمني يتحملها إلى الآن، إن ما هو مطلوب من الجيل الثوري الآن هو السعي لتحقيق الهدف الثوري الشامل الذي كانت تستهدفه الأجيال الثورية السابقة وهو الخروج من مرحلة الانحطاط والتخلف وتهيئة جيل يمني قادر على الدخول في الدورة الحضارية الحالية بالتّغيير الفكري وإعادة صياغة الثقافة اليمنية بما يتناسب وطبيعة المرحلة الحضارية التي نريد الوصول إليها.
من هنا يمكن القول إن انتخابات 21 فبراير هي البداية الحقيقية لمرحلة حضارية، نحن مقبولون عليها، بل حلم كل الثوار، ترابط اجتماعي يعقبه سكينة وأمن وتفرغ للدخول في معطيات النمو أولى مراحل الحلم الحضاري.
د/ عبدالله الحاضري
21 فبراير.. أولى مراحل الحلم الحضاري 1657