أوقات كثيرة تمر بنا الكلمات غزيرة وكثيرة منها ما يمسح الدمع ويكسونا فرحاً: هناك ما يواسينا في الحب، وهناك كلمات تبث فينا روح البهجة للحياة من جديد، وهناك كلمات توقظنا من تلك الأحلام الوردية..
تضعفنا بقوة تلك الأيام بكلمات تدمي القلب ألماً ووجعاً وتضاعف الجراح فينا وأحياناً تداوينا ومن خلال تلك الكلمات نستذكر أصدقاء مروا بنا في حياتنا وما أكثرهم ولكن؟! بكثرتهم كثرت تلك الكلمات التي تكتسي بالأنين من صديقٍ بذلنا له كل معاني الصداقة والوفاء.. مرت بنا لحظات لا تتكرر فقد كنا نلهو سوياً، نمرح سوياً، نبكي سوياً، نحلم سوياً، كانت أحلامنا وطموحاتنا مشتركة من شدة الانسجام ولكن تركتيني وحيدة، تركتني وحيداً أتذمر من كل شيء له علاقة بالصدق والصداقة وبأن هناك إخلاصاً ووفاءاً لا زال موجوداً.. يا خائناً لمعالم صداقتنا الجملية وبائعاً لخطواتنا المدروسة خطوةً.. بخطوة.. يا تاركاً قلباً منكسراً متألماً وراءك يشكو عدم الثقة..
إنني وللأسف لم أكتب يا صديقي في ذلك الوقت التي تعرفت عليك فيه صورة تشائميه لمعالم صداقتنا من أجل هذا اليوم حتى عندما أتصفحها أعلم حينها لِمَ غيرتك الأيام وأنستك إياي فماذا دهاك وماذا دهاك يا رفيق رحلتي؟ لعل كلماتي لا تروق لك ولكني أكتبها يا صديقي ثكلني بالدموع فإلى من أعود من بعد الله في كل ما يخصني وقد تركني أقرب الأصدقاء وغيرته السنين وبمن أثق بعد اليوم وقد تخلي عني من كان صفحتي البيضاء أكتب عليها ما يحلو لي وأرى أخطائي في عينيه فأتجنبها وألمح حناني يفيض بين يديه.
ألا تتذكر تلك الأيام وقد كان كل منا يسعى ليكون في تلك الصورة في نظر صديقه صورة الحق والعدل والحب والجمال، فقلي بربك من اشتراك حتى بعتني دون ثمن.. إني أحبك يا صديقي فلا تتركني أسيراً وحيداً فالغابة مليئة بالذئاب ولا أستطيع مواجهتها دونك.
صديقك من صدقك لا من صدقك
لقد صدقتك قولي وفعلي وكنت عندي أقرب إلي مني فإلى متى نظل في عراك دائم من خيان صديق، حبيب وأخ.. الخ؟.
لماذا الخيانة والتخلي عمن يخلص ويحب في هذه الحياة أصبح طبعاً سائداً بين البشر؟.
مررت بإحدى الفتيات فطرحت عليها هذا السؤال ما مواصفات صديق العمر في نظرك؟! فقالت: صادقاً متعاوناً، مخلصاً، وأهمها أن يكون وفياً.
وهناك بعض الناس قال: أن يكون عوناً لي في الشدة والرخاء.
وأما من قال ما أجمل ما قاله حينها.. أريده بموصفات النبي الأمين عليه الصلاة والسلام فياحبذا لو نجد ذلك الصديق من جعل الصادق الأمين قدوته ومنهج حياته في كل شيء.. وأن أجدك يا صديقي في وقت لا أجد فيه أحد فهل أنت إلى جواري؟!.
قد يتساءل كثيرون منكم لماذا أكتب عن الصديق بالذات ذكراً كان أم أنثى وأقول لست وحدي من ابتعد عنه صديق أو ...الخ فقد تلمح عيونكم الجميلة ذلك القول وتلك الكلمات بأن الرفيق قبل الطريق فكيف لا أكتب وهناك من تركني في منتصف الطريق وهذا وجدته في كثير ممن يشكون فمنهم من قال: تخلى عني، بأعني ليستبدل آخر مكاني، خانني في أقسى اللحظات.
وهناك من أصبح لديه عقدة مزمنة هي (عقدة عدم الثقة في كل من حوله) فلا يريد مصادقة أحد فقد أصبح الناس في نظره نفس ذلك الشخص الذي تخلى عنه وتركه حتى أنني في مكان عملي وجدت أختاً عظيمة ذات خلق ودين، تقربت منها في معاملتي فشعرت وأحسست ببركان خوف بداخلها من التقرب إليه وكأنني أفعى سامة فقالت (أرجوكِ لا تحاولي إقناعي بأن هناك من لا زال يحمل الصدق وأنه لن يبيعني ويتخلى عني يوماً) فقلت لها.. صدقيني الأصابع ليست سواء وهناك أناس يجبرونا على الحكم على الناس حكماً واحداً بسوء تعاملهم ولكن لا تجعلي أحدهم يكون سبباً في حكمك على الآخرين أثق أني مع الأيام سأغير وجهة نظرك بأن الحياة لا زالت تحمل لنا الكثير من الناس الأوفياء فالدنيا لازالت بألف خير..
المشكلة أن أغلبية من سألت من الفتيات تقول تركتني جميع صديقاتي بمجرد أن تزوجن فالزواج أنساهن كل شيء وكل ما كان بيننا وعندما تعاتبيهن يقلن لكي (شغلتنا الظروف فأقول بلسان هؤلاء..)
ظروفنا هي من جنت ياويحها.. تلك الظروف.
كل منا لديه التزامات ولكن لا يعني هذا أن ننسى من نحب فلماذا إذن نحمل القدر والزمان والظروف كل الخلل الموجود فينا فنحن من ينقصنا تصحيح وصيانة لذلك المفهوم المغلوط والمهزوز بدواخلنا..
جئتك يا صديقي جروحاً وألاماً تشبه أوجاعي وأوجاع الآخرين وكلها تسعى لتذكيرك بأن الحياة ليس لها طعم دون صديق وأن من ليس لديه صديق فليس بحي.
يا أحبتي.. قولوا لكل من ترككم ورحل عنكم وباعكم لشخص آخر
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً *** فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ولن تذكر يا صديقي أني لا زلت ذلك المخلص الوفي ولا زلت أؤمن أن أشعة الشمس ستظهر في كل صباح لتدفينا معاً وأن النسائم الجميلة تهب علينا كل يوم لتثبت لنا عظمة الرحمن سبحانه وأنه لا ينسى أحداً فرغم أن البعد يجمعنا معاً ويوحدنا حتى لو لم تكن تعلم ذلك.
وفي ختام كلماتي أقول لكل صديق وصديقه على وجه الكون أنها تبقى بعض الكلمات التائهة عنا والتي نحتفظ بها بين طيات أنفسنا أعظم من أن نقولها لأحد.
لذا فاتركوا أناتكم وأوجاعكم فما فائدة الأنين ونحن نئن ونتوجع من أنفسنا فقد اندثرت فينا تلك الأخلاق الجميلة فإن لم نعالج أنفسنا من أدرانها وشوائبها فعلى الدنيا السلام.
صديقي من يقاسمني همومي **** ويرمي بالعداوة من رماني.