ها هو ذا عام يمر على الثورة التي أطلق شرارتها شباب الثورة من فبراير 2011 في ساحة جامعة صنعاء.
وهي الثورة التي أعادت نبض الحياة إلى ثورتي سبتمبر وأكتوبر بعد أن أحيلتا إلى التقاعد منذ وقت مبكر وهما في عنفوان شبابهما وربيع انطلاقتهما. وإذا كان عام الثورة الشبابية قد شهد الكثير والجليل من التضحيات ورافقته أشكال من المعاناة غير المسبوقة، فإن الوصول إلى بر الأمان يتطلب صراعاً مع الأمواج والرياح ويقتضي كماً هائلاً من الصبر ليتمكن العابرون نحو النجاة من اجتياز المغارات الصعبة والمنعطفات الحادة.. وفي التاريخ القديم والحديث لا حدود للدروس التي يمكن الوقوف عندها والتعلم منها والاستفادة من امثولاتها وكيف استطاع الرواد والقادة المخلصون أن يخرجوا بأوطانهم من عنق الزجاجة أو بالأصح من أعناق الزجاجات التي تعددت إشكالها وإحجامها.
إن الثورات الناجحة ليست تلك التي تتم بين ليلة وضحاها وحتى لو تحققت في أقل حيز من الزمن فإن تحقيق أهدافها المعلنة وما يستجد لها من أهداف مؤجلة تقتضي وقتاً للتأمل والاختيار.. ولعل أهم ما حققته ثورات الشباب العربي في زميلهم الدائم – حتى تلك المتعثرة منها – تتجلى في تحقيق هدفين عظيمين تمحورت حولهما أحلام الناس ورغبات الأوطان، وهما تحرير مضمون النظام الجمهوري الذي بقي لسنوات طويلة ملتبساً بالملكية غير الدستورية فالحاكم الجمهوري العربي يأخذ مداه في السلطة إلى أن يموت أو يخلع بانقلاب وصار من حقه أن يورث السلطة لابنه أو لأي من أقاربه وتلك صيغة لا مكان لها في الأنظمة الجمهورية التي تعتمد نظام الفترات المحددة للرئيس لإعطاء الشعب حقه في اختيار من يحكمه أربع أو ثمان سنوات وغياب هذا المبدأ القائم على تداول السلطة جعل الشعب لا يفرق بين نظام جمهوري وآخر ملكي.
والآن وبفضل الثورات الشعبية الشبابية التي عمت وستعم أرجاء الوطن العربي انتهى وإلى الأبد ما كان يسمى بالتمديد وما كان يسمى بالتوريث أيضاً. وصار مبدأ تداول السلطة بمعناها العميق والمسؤول ممكناً بل واجباً وتلك هي الخطوات الأولى التي تم إنجازها ومن السهل أن تتبعها خطوات أخرى تتعلق بالمطالب المعيشية والمواطنة والمساواة ومجانية التعليم والتطبيب إلى آخر ما تبشر به ثورة العهد الجديد وتنعشه من آمال كانت قد تضاءلت ثم جفّت عبر سنوات التراجع والجمود.. والتحية لشباب الثورة والنصر للوطن والحرية والكرامة لأبنائه.
د/عبد العزيز المقالح
عامُ من الثورة 1583