;
فهد ناجي علي
فهد ناجي علي

ساحات الحرية والتغيير.. ثورة مابعدها ثورة 1803

2012-02-01 02:14:43

منذ الكتابات الأولى للسِيَر العربية والتاريخ العربي، اتخذ مفرد «اليوم» دلالة مصطلحية بمعنى المعركة أو الحَدَث العظيم أو البارز أو الفاصل، مثل يوم شِعب جبلة أو يوم ذي قار أو يوم القادسية أو يوم الدين (= القيامة). وعندما فتح المسلمون مكة، قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: «هذا يوم له ما بعده»، أي أنه فاصل (من خلال ما حدث فيه) بين حقبتين، تلك التي كانت قبله، وتلك التي ستنجم عنه أو ستكون من نتائجه وتداعياته. وهذا هو الأمر مع يوم 11فبراير الذي شهد أولى المظاهرات الحاشدة بساحة الحرية بتعز، ولذا يمكن القول إن ما قبل ساحة الحرية ليس كما بعده! إن المسألة هنا ليس أن يقدر أحدنا ما حدث ويحدث في بلدان الوطن العربي باعتباره أمراً عظيماً إذا كان يحب الثورات أو كان من مؤيديها، أو أن يعمل على التقليل من شأن ما حدث لأنه لا يريد التغيير أو لأنه يتهيب أعباء ومخاطر هذا التغيير، بل المسألة في تقدير هذا الحدث واعتباره، الذي يكاد يتحول إلى حدث عالمي أو كوني، بغض النظر عن الرأي الشخصي أو المصلحي فيه. ومن دون الكثير من التعبيرات الأدبية أو البيانية، تعالوا لتلق نظرة على ساحات الحرية والتغيير بعد عام تماما على وقوع أو حدوث 11 فبراير.
 قبل أيام من الذكرى الأولى لوقوع الحدث، انعقد مجلس النواب, وقد حرص على فرض قانون الحصانة لصالح ومعاونيه من الملاحقة القضائية رغم المطالبة من الشباب بعدم منح صالح ضمانات وحصانة من الملاحقة القانونية، لقد عرفت مدن اليمن وأريافها في الأزمنة الوسيطة والحديثة ثلاثة أنواع أو أشكال من الحراك الثوري هي: تمردات في الأرياف، وهوجات العامة في المدن.. وأخيراً الانقلابات العسكرية في العواصم على الخصوص وتبعهتها ثورة المؤسسات.
لماذا هذا الاستطراد الطويل بشأن الحركات المختلفة ضد «الشرعية القائمة» باليمن على وجه الخصوص؟!
لأن شباب 11 فبراير ليسوا من التجار ولا من الضباط ولا من الحزبيين المعارضين، ليبراليين كانوا أو إسلاميين، بل هم في معظمهم شبان متعلمون ويحملون درجات جامعية، ويستعملون وسائل الاتصال الحديثة، ولا يمتلكون وعياً حزبياً ولا يتبعون كاريزما القائد أو الزعيم، وهم يصرون على الشورى الجماعية عبر وسائل الاتصال فيما صغر أو كبر من الشؤون، وينبني وعيهم وتسيُّسهم بالتجربة أو بالتراكم، ويتأسس تصرفهم على الحرية الفردية في الاختيار أو المبادرة أو القبول والرفض، ولذا ما استطاعوا تكوين عصبية مع إحدى الفئات أو الأحزاب المستقرة أو الشخصيات الطامحة للسلطة قياساً على ما كان يحدث باليمن في ظل مواريث 33عاماً من الحكم للأسرة أو ما قبلها وما بعدها.
فهل شبان ساحات وميادين الحرية والتغيير هم طلائع الثورة الديموغرافية الجديدة بدليل التضامن الذي حصلوا عليه لدى سائر شباب العالم؟ أم هم الطلائع المتقدمة للطبقة الوسطى إنما في عصر العولمة، حيث تذوب الفروق بين الطبقات والفئات بسبب الفردانية المتنامية، والبحث عن «معنى الحياة»، وعن البديل الجديد للقرن الحادي والعشرين؟ أم هم الفئة الأكثر حساسية تجاه إحباطات العقود الخمسة الماضية في الوطن العربي، باعتبارهم شباباً مهمشين من جهة، وباعتبارهم يعرفون تقدم العالم أكثر من غيرهم، ويطمحون إلى مشاركة أوطانهم في مجريات تقدمه، بالخروج من الواقع المقبض؟ إنهم ذلك كله وأكثر، وقد شاركتهم في الطموحات والتجربة فئات شابة زاخرة من سائر أنحاء الوطن العربي، وفي الطليعة شباب مصرو تونس ليبيا وسوريا، لكن اليمن التي «خرج» فيها يوم 11فبراير قبل عام هي التي أعطتهم الإضافة التي لا يشاركهم فيها غيرهم من شباب العرب.
لقد كان الشباب في 11فبراير حركة احتجاجية زاخرة، أما الثورة فبدأت بعد خلع صالح، وهي عملية معقدة وطويلة الأمد، وتملك وظائف عربية واستراتيجية وعالمية، إن البحث عن معنى آخر للحياة أو لنوعيتها، وعن بديل جديد، وعن مجتمع سياسي جديد؛ كل ذلك هو من الصعوبة بحيث انفصلت القوة العسكرية عن السلطة، وانفصلت الشرعية عن الانتخابات، واستقلت الشرعية الجديدة من دون قوة باطشة، ولا انتخابات أكثرية، في ساحات الحرية ذكرى وواقع وواقعة، لقد صار يوم 11فبراير بالفعل يوماً له ما بعده.
/////////

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد