لا أحد يطلب "الحصانة" إلا في حالة إدراكه بأنه قد ارتكب شيئاً يوجب المحاسبة والعقاب وعليه فإن قانون "الحصانة" وإن تم إقراره من قبل الحكومة و البرلمان الغائب عن الأحداث منذ عام فإنما حدث يعتبر من قبيل الصلح أو ما يسميه الساسة، بتغليب المصلحة الوطنية و تجنيب البلاد ويلات الفتنة التي كانت على وشك الاشتغال، يا الله سترك" وهو ما يعني إما أن تترك حقوق الناس وحقوق! المجتمع وحقوق الشعب للنهابة, وإما التلويح بخلط الحابل بالنابل وتحويل البلاد إلى رماد..
هذه هي الحقيقة المرة في هذه البلاد؟ وكأن لا وجود للدستور والقانون، مادام الصلح هو السبيل لمعالجة القضايا من صغيرها إلى كبيرها و لا يدري المراقب نهاية هذا " الخبيص "، إلى متى سيظل اليمنيون يعتمدون على الصلح بنفس الطريقة المرورية المتبعة "ثلثين بثلث " و كل واحد يصلح سيارته حتى في القضايا الوطنية المصيرية التي تتعلق بمستقبل الوطن.
وإلى متى ستظل حقوق الشعب مهدورة بدون حصانة و مستباحة من قبل الفاسدين و المستبدين والظلمة، وإلى متى سيظل مسلسل الصلح و ضمان الإفلات من المحاسبة والعقاب لكل من يختلس المال العام أو يعرض مصلحة الوطن للخطر.
فمنذ عقود ثلاثة خلت والدستور والقانون مغيب و لا وجود له و ليس هناك فاسداً واحد تم محاسبته أو محاكمته جراء ما ارتكبه من مخالفات مالية أو إدارية فما بال الأمر عندما تكون القضية مرتبطة بنظام بكامل فاسديه و مبطونيه.
وفي كل الأحوال ما حدث من إقرار للحصانة يشرع لسابقة يمنية فريدة ليس على مستوي المنطقة العربية بل و عالمياً من حيث الحجم و العدد لأن الحصانة لم تقتصر على شخص رئيس النظام فقط بل شملت مئات الشخصيات التي ما تزال حتى اليوم تمارس مهاماً حكومية و سياسية و تتعامل مع المال العام بشراهة وكأن الصفحة الماضية قد طويت و يجب أن تقلب و تفتح صفحة جديدة من أول السطر.
إنها بداية غير موفقة لحكومة الوفاق و خاتمة غير مرضية للنظام وأعوانه وأعضاء
مجلس النواب الذين استغلوا الفرصة و رفعوا موازنة المجلس العديم الجدوى والفائدة إلى عشرة مليار ريال للعام 2012م من خزينة الشعب اليمني الفقير "الطاحس" مع أنهم لم ينصفوا مظلوماً ولم يردعوا ظالماً خلال ثمان سنوات من مكوثهم داخل هذا البرلمان الصوري فقد أضافوا لأنفسهم أربع سنوات إلى الأربع السابقة دون شريعة أو استفتاء و بعد إقرار الحصانة أضافوا سنتين لتصبح مجموع الفترة الإجمالية عشر سنوات مع أن انتخابهم تم لأربع سنوات شمسية و مع هذا الكرم الحاتمي ختموا عهدهم الزاهر بإقرار قانون حماية الفساد و الفاسدين ليكونوا بذلك أفضل ممثلين على الشعب لا ممثلين له و صادقوا على قانون "يحمي كل من هبش و خارجوا كل فاسد " وفوقها ألف بوسة لكل من تبقى في المسرح السياسي يمارس هوايته في جمع العملات وتكديس الأرصدة والإثراء الغير مشروع على حساب قوت الشعب الذي يعاني أغلبية أفراده من سوء التغذية ومن مختلف الأمراض الفتاكة و التي على رأسها الفقر والبطالة والفاقة و الحرمان..
ولن نطيل الشرح فكل شيء يذكرك بالعصر الحجري من المواصلات إلى الشوارع الغارقة بالمطبات ومخلفات القمامة إلى الطفولة المعذبة التي تعاني من سوء التغذية و غياب العناية الصحية إلى شحة المياه و الكهرباء إلى طوابير البطالة المنتشرة على الأرصفة بحثاً عن فرصة عمل تضمن الحصول على كسرة خبز وشربة ماء في وطن منهوب مع سبق الإصرار و الترصد مع تأشيرات حصانة وقانون حماية مجانية لكل من يرغب في نهب الثروة و شفط دماء الفقراء والمعذبين في بلاد اليمن التــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــعيس بحكومته و برلمانه و أحزابه السياسية و شخصياته المتشدقة بالمصلحة الوطنية ودعوى تفويت الفرصة على الأعداء والمتربصين..
ولا ندري من هؤلاء المتربصون غيرهم بعد إن البعض نصب نفسه وصياً على إرادة الشعب و منحوا حصانة شاملة لكل النهابة و عفوا عن الجرحى و القتلى والمعاقين بفاتورة واحدة آجلة " يانعمتاه يابلاشاه " اللهم لا شماته من هكذا وطنية أبو حصان و أبو حصانة.
نبيل الصعفاني
حماية الفاسدين مصلحة وطنية ؟! 1395