ليس بخافٍ على أحد في دهاليز حكومة الوفاق أوفي وزارة الإعلام أو في مجلس نقابتنا الموقرة في صنعاء أو في الشارع اليمني وخصوصاً في مدينة عدن، ما حدث ويحدث في مؤسسة 14 أكتوبر للصحافة والطباعة والنشر من تطورات متلاحقة منذ الأول من يناير الجاري،، حين اعتصم عدد من موظفي وصحفيي المؤسسة، مطالبين بإقالة قيادتها الفاسدة. فالحكومة، ممثلة برئيسها الأستاذ محمد سالم باسندوة، كانت اطّلعت منذ اليوم الأول على الحدث، وبكل تفاصيله، من خلال أحد زملائنا الذي أوكلناه لحمل رسالة استغاثة المؤسسة إلى الحكومة ووزارة الإعلام ممثلة بوزيرها الأخ علي العمراني، الذي بدوره وجه بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، رغم أن الحقائق كلها واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.
وعتبنا على الأخ الوزير حينها بعدم تكليف نفسه بالنزول ليشهد الحقائق بنفسه، كما فعل في مؤسسات إعلامية حكومية في صنعاء، وتم حل مشاكلها. والتقينا اللجنة وقدمنا ما عندنا من أدلة مادية دامغة تدين قيادة المؤسسة بتورطها في قضايا فساد مالي وإداري ومهني. وعادت اللجنة إلى صنعاء بعد التقائها بعمال وصحفيي المؤسسة غير المعتصمين، مؤكدة بكتابة تقريرها حول مشاهداتها، وها نحن في انتظار هذا التقرير..
وكان سيل من البيانات والتنديدات يتواتر إلى مكتب وزير الإعلام والزملاء في مجلس النقابة بصنعاء، قبل وبعد زيارة اللجنة الوزارية، تصف مدى عبث رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير في مؤسسة 14 أكتوبر وصحيفتها أحمد الحبيشي، بالمال العام واللعب في الوقت الضائع بأوراق سياسية مكشوفة هزيلة، إلا أن كل تلك الاستغاثات والبيانات كانت سراباً، وضاعت في أضابير النقابة ودهاليز الحكومة ومكتب الوزير، عدا بيان تضامني صدر على استحياء من مجلس النقابة، والذي رغم ذلك لقي رد فعل سيء من قبل قيادة الصحيفة، فيه تهكم على النقابة وأمينها العام مروان دماج، ولم يكلف الأخير نفسه للرد دفاعاً عن النقابة أو على نفسه حتى، أو الوقوف أمام هذا التهكم حسب النظام الداخلي للنقابة ! غير أننا في الهيئة الإدارية في فرع عدن قمنا، احتراماً للكيان النقابي، بالرد عوضاً عنه.
عندما لا يتم كبح جماح الحصان وتهوره لا بد أن تكون النتيجة سيئة على راكبه أو على من يقف أمامه، وهكذا كان مع زميلنا أحمد الحبيشي الذي ركب موجة الحراك الجنوبي في الأيام القليلة الماضية التي تلت اعتصام معارضيه، على قلة عددهم وعدم امتلاكهم سوى مطلبهم الشرعي في تطهير مؤسستهم من الفساد والمفسدين بقيادته، إلا أنهم يشكلون له رعباً وكابوساً يقض مضجعه، فما كان منه إلا أن يتمسك بمظلة الحراك الجنوبي تحميه منهم، وهو الذي صب حتى وقت قريب، مختلف بذاءاته المعروفة للقاصي والداني في صحف محلية ومواقع إلكترونية مختلفة، تلك الكتابات المسيئة لقيادات الحراك الجنوبي النضالي، ولقيادات سياسية تاريخية جنوبية لها دورها البارز في إبراز القضية الجنوبية على المستوى الدولي.
لم أكن أنوي الكتابة، بأي حال من الأحوال عن قضيتنا في مؤسسة 14 أكتوبر، ذلك لأنها، كما قلت سلفاً، واضحة وجلية، وحتى لا يُترجم مقالي عكسياً، إلا أن ما اضطرني للكتابة اليوم هو استفحال الأمر وصبغه بالطابع السياسي من قبل الزميل أحمد الحبيشي، الذي التفتَ حوله ؛ فوجد نفسه وحيداً وسط ثلة من موظفين بسطاء وصحفيين لم تعتكرهم صولات مهنة المتاعب بعد، باحثاً عمن يحميه من زملاء له ممن لم تهُن عليهم مراحل العمر المهني الذي قضوه في مدرستهم الأولى وبيتهم الثاني، مؤسستهم وصحيفتهم العريقة، التي حملت اسم الثورة التي أشعلت النار تحت أقدام جنود الاحتلال البريطاني وكنستهم من أرض الجنوب وأنهت تاريخ أسطورة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، هي ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، التي بكل فخر مُنح وسامها واسمها للصحيفة الغراء والتي أشعر بالفخر أنني واحدة من الرعيل الثاني في مدرستها (1974م) وتعلمتُ على أيدي أفذاذها الصحفيين الرواد فقه المهنة ؛ فكان الزاد في سِفْر حياتي المهنية قبل دراستي الجامعية التخصصية.
وبكل أسف يأتي الحبيشي ليزيل هذا الوسام من على جبين الصحيفة، منذ توليه قيادتها عام 2005م، وهي القيادة لها للمرة الثانية (1993 ـ 1994) قبل فراره إلى مصر أثناء حرب صيف 1994م. ولن أخوض في أمور خاصة به هناك ويعلمها الجميع، عما كان يكتب ويجهر به علناً ضد النظام السياسي بعد الحرب الغاشمة على الجنوب، لأن ذلك ليس من شيمتنا ولا من أخلاقنا، فقط نسأل عن السبب الذي دفع أحمد الحبيشي إلى إزالة وسام ثورة الرابع عشر من أكتوبر من رأس الصحيفة ؟ ومن الذي أمره بذلك وأذعن له طائعاً،خانعاً ؟ هذا السؤال الذي من المفترض أن توجهه له قيادات الحراك الجنوبي التي يزعم أنها تحميه من عشرة أشخاص منقطعين عن العمل، كما يدّعي، وتؤيده ضدهم.
في مقالي هذا أرجو من شباب الحراك الجنوبي ألا ينساقوا وراء شخص مهووس بذاته وبنرجسيته، وأجزم أن هؤلاء الشباب المناضلين على قدر من الذكاء والوعي، ويدركون أن قضيتنا مع أحمد الحبيشي معروفة، وليست لها علاقة بطرف سياسي معين، وهو يدرك ذلك تماماً، ويدرك أن ملفات الفساد المالي والإداري والمهني التي بأيدينا تطارده وتؤرقه وتخنقه خنقاً كما يعلم الأخ الوزير ألاعيبه الأخيرة باستعانته بشباب الحراك الجنوبي، وتسخير الصحيفة للتشهير بمعارضيه المعتصمين ونشر المواد غير المسئولة التي تؤجج نار الفتنة في المجتمع وتدعو إلى الاقتتال على لا شيء، سوى لتنفيذ سيناريو يعلم الله وذو الألباب القصد الحقيقي من ورائه.
لكنني على يقين أن قيادات الحراك النظيفة والصادقة وشباب الحراك المناضل لا تغيب عنهم حقيقة الأمر، ولا أظنهم يسمحون لأنفسهم بالدفاع عن الفاسدين والمفسدين أمثال الحبيشي المعروفة مواقفه غير الثابتة، وتلوناته السياسية المرحلية، واستغبائه للآخرين والاختباء دوماً وراء ظهورهم.. والله المستعان.
نادرة عبدالقدوس
لم يكن الحراك الجنوبي يوماً مظلة للفاسدين 1608