فى بداية أأسف كثيراً يا أبتي على كلماتي ولكن لم أجد بُداً من كتابتها فلا تعاتبني وتعتب عليَّ فهذا الحق الوحيد الذي وجدته في حياتي وهو "قلمي ووريقاتي دون صمت"..؟!.
تعانقني دمعاتي وترسل إليَّ نفحات ألم دفين وتحفر في قلبي حروف آهاتٍ موجعة وترجعني إلى الوراء وأستذكر شريط الذكريات.. عندما إشتعل في قلبي فتيل الندم على أشياء كثيرة مرة في عمري ولم أستطع حيالها صنع شيء.
تتسابق الكلمات أيها الأجدر والأجمل وصفاً وقدراً وعرفاناً لذلك الإنسان المعطاء وتهمس في أذني قائلة!! هل أنا جديرة بالتحدث عنه أم لا؟ وقبل كل شيء يا أبتي أعترف بفضلك عليَّ من دون الناس أجمعين ولكن بصمت، أحاورك بصمت، أضحك معك بصمت، أبدي أرآئي بصمت، وحتى أني أحضُنك بصمت، فإلى متى يغلف حياتي الصمت والخوف إلى متى؟! أتعلم لماذا يا أبتي؟! لإنك من زرع بداخلي عدم الصراحة وعدم المواجهة.. زرعت بداخلي ذلك "الكبت" الذي يقتلني ويميت كل شيء جميل بداخلي كعصفور يستطيع الطيران ولكنه محبوسٌ في قفص.
يا سندي وأماني من بعد رب العالمين.. كنت كلما ضاقت بي الدنيا وضقت بها ولكم طوقتني الهموم والآحزان.. وحاصرني الهم وأرهقني الآهات.. ولفحتني زفراتها.. كلما أغلقت دوني كل الأبواب.. وتخلى عني الأصحاب وأداروا وجوهم الأحباب.. أقول في نفسي وبصمت لو أنني أعود إليك يا أبتي وفي قلبي لهفة وتطلع إليك، فما أبالي بأحد ما دمت معي وإلى جواري تمسح على رأسي فأعود كما كنت طفلة تسري في جسدي راحة وأمان.. فليس إلاك أبتي يمنحني ذلك الدفء والحب ويمنحني دوناً من تلك الرحمة والشفقة والتي لا أقبلها من سواك.. أين لطف معاملتك واهتمامك فقد حلُمتُ بك نعم الصديق وخير رفيق طيلة ذلك الطريق الذي أسير فيه.. أين ذلك الاحتواء المفقود فقد تمنيت يا أبتي أن تكون أعرف الناس بي وبأمآلي وطموحاتي، همومي، آلامي وأكثر الناس عليَّ صبراً، حرصاً، واهتماماً.
حفظك الله ورعاك وجعل جنته مأواك يا أغلى الناس.. لماذا شغلتك الأيام وباعدت بيني وبينك وفرقت الحياة قلبينا.. أنا لا أطلب منك مالاً وكسائاً وطعاماً فحسب.. فمالي وطعامي وكسائي حنانك وعطفك وحفظك ومحبتك.. فمد لي يدك الحانية وشُد على يدي فعندما أخطئ تعيدني إلى الطريق فعندما أحيد ترجعني إلى الخير والعطاء في كل أوقات..
أريد قلباً شغوفاً رحيماً يسعى ويفيض حناناً وعطفاً وحباً عليَّ..
أين روحك التي تحتويني بين ذراعيها.. دعني أتحدث إليك دون خوف وأحاورك وكلي ثقة بمن أتحاور معه وأتحدث إليه.. دعني أتخذك ملجأ من بعد الله يتسع لي صدرك وأشركك كل شيء في حياتي، فما أصعب حياتي وما أشقاها وأنت بعيدٌ عنها..
أبتي الحبيب.. مازلت في نظرك تلك الفتاة التي تكُبر بعد وحتى أدنى الحقوق لم أحصل عليها وهذا لإني في نظرك كما قلت صغيرة إلى متى يا والدي؟!.
فيالهول مصُابي أُيصدق، أحدكم أنني مازلت مجهولة الهوية والكثير منا لا يبالي بذلك سواءً والدي أو غيره، فهناك كثيرٌ على شاكلته..
أطالبه بأقل حق وهو "هويتي الضائعة" بطاقتي الشخصية فيقول ليست مهمة وغير ضرورية وهذا يا أحبتي من أقل الحقوق والواجبات المكفولة، مراتٍ كثيرة أتساءل هل هذا لكوني فتاة "أنثى" لا حق لي في مجتمع ولا في قانون ولا سواهما وإن كان ذلك ولداً "ذكر" فله حق مشروع حتى لو كان في العاشرة من عمره..
فإلى متى يا من يُهمه أمرنا من وزارات وغيرها لماذا لا يكون هناك قانون إلزامي لذلك الأمر المهم في نظري "أنا" يلزم الشعب أجمع منذ بلوغ السن القانونية للفتاة اليمنية وأكررها "الفتاة" بإثبات هويتها الشخصية فهي كائن مغلوبٌ على أمره في كثير من أمور حياتها.
أبتي الحبيب.. إذا لم تستطع توجيه كلاماً نافعاً وهادفاً ولم تستطع توجيه نصائحك المفيدة وتجعلني أسبح في بحر رشدك ولسانك العذب تأمرني وتنهاني بما يُُحبُ الله ويرضى فمن أنشُده سواك..
مازلت وسأظل أحبك وستبقى في نظر ابنتك بحقوق أو بغير حقوق والدها العظيم وصاحب الفضل في وجودها من بعد الله تعالى.
فلا تهملني يا قرة عيني ولا تتخلى عني.. فُبعدك عني يُميتنُي وجفاؤك يُسقمُ روحي.. وتجاهلك يا أبتي يُتعبنُي.. وإهمالك يصدمني.
فلا تتركني فرصة لمن يتلاعب بمشاعري.. ولا تلجأني للبحث عن سواك أستجدي منه رعايتك، عطفك، وحبك الكبير.
كلماتي إليك يا أبتي بحرٌ غزير متلاطم الأمواج، فأجعل شطآني تهدأ على راحتيك يكفيني غربة عنك وأنت تقربني إلى جواري.. أحبك أبتي.. فسامحني فهذا قلبي الذي يكتب!
إبنتك المحبة..
فاطمة العمري
هويتي الضائعة وأبي 1895