شاعر من الهند، بلاد العجائب المصبوغة بنكهة البساطة، شاعر الإنسانية الذي كان عامناً المنصرم "2011م" ختاماً للذكرى الـ"150" لولادته، ولهذا سمي العام 2011م بـ"عام طاغور" في أول خطوة تقدم عليها الأمم المتحدة حين أطلقت على العام اسم شاعر وأهدت تكريمه لشباب ميدان التحرير في مصر فقد جرت العادة في دستور الأمم المتحدة على استخدام المدن والآثار القديمة كتسميات للأعوام المنصرمة، ولهذا كان حقاً على الهند أرضاً وإنساناً بأن تفتخر بتلك التسمية الأولى من نوعها، فصاحب هذه التسمية شاعرها الذي عاصر الحربين العالميتين ونادى بطهارة الذات الإنسانية ونقائها وضرورة تساميها عن العنف لأنه كان متوجداً مع الطبيعة ويرى أن الإنسان والأرض جسداً واحداً وليس لأحدهما خيار الانفصال عن الآخر..
 طاغور شاعر الهند الأشهر ـ الذي حصلت مجوعته الشعرية "قربان الأغاني" على جائرة نوبل للعام 1914م ـ كان يرى أن الحب والخير والجمال معانٍ نقية وينبغي أن لا نلوثها وقد استعان على إثبات ذلك بإقرار عبادة التأمل ورأى أن الطبيعة إحدى تجليات الله تعالى.
وحين قرأت عن طاغور وبعض أشعاره المترجمة أحببت أن أكتب عنه لأنني شعرت أن هذا الرجل الرائع عاش عمراً مفطوراً على سجية الدين الحق "الإسلام" حيث قال:"عندما أذهب إلى الغابة وأرى عظمة الأشجار والجبال والطيور والمخلوقات كلها أعرف بأن هناك إلاهاً واحداً لا يُرى "بضم الياء" ولكن يجب أن يعبد، فالذي خلق كل هذه الأشياء العظيمة هو بالتأكيد أعظم منها، لذا فهذا الإله يستحق العبادة"، وحين تأملت إحدى الصور التي تجمعه بـ"غاندي" أدركت أن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف أو كما قال صلى الله عليه وسلم وهذا الشاعر مسافر عبر الطبيعة إلى الذات إلاهية حتى أنه خاطب الموت واشتاق إليه ورأى أنهُ حياة جديدة للإنسان.
"إيه أيها الموت، يا منتهى حياتي الأسمى
تعال وأهمس في أذني.
يوماً بعد يومٍ سهرت في إنتظارك
من أجلك تذوقت هناءة الحياة وعانيتُ
عذابها، إن الكفن المنسدل فوقي
هو كفن التراب والموت وإنني لأكرهه
لكنني أشده وأجذبه
في سغف ووجد". 
كان شاعراً يحترم القيم الإنسانية ويعطيها حاجتها من الاحترام وكان يرى أهمية أن يستيقظ الشرق من غفوته ليعيد بناء مجده القيمي من جديد.
"إستيقظ أيها الشرق العريق
إن ليل العصور المظلم
قد دثرك بظلماته الكثيقة
وبين يقظتك ومنامك بددك في بحر النسيان.
استيقظ أيها الشرق العريق
إن أنغام الحياة المتنوعة قد خفتت
فمتى يرقص في نبضك من جديد نداء النور"
وهذه دعوة دلالية للشرق حتى يعود لينشر رسالة النور التي تميز بها.
في السابع من أغسطس عام 1941م توفي طاغور في ذات المنزل الذي ولد فيه وهو في الثمانين من العمر ولقد ترجمت أعماله الشعرية والموسيقية إلى عدة لغات منها العربية.
انظروا بعمق كيف ربط الإنسانية بين الشعر والموسيقا والرسم ورياضة التأمل الروحي حتى ول إلى وحدانية الخالق!.