حرصنا الشديد على موقف يخدم مستقبل الشعب ويضمن لمسيرتنا التجديد والتدفق الحيوي بفتح المجال أمام شبابنا الوطني المؤهل لممارسات المسؤوليات القيادية الرئيسية للاضطلاع بالأعباء التي طالما نأى بحملها والتي لا بد أن تؤول إلى كواهل الشباب الذين هم صفوة الشعب وذخيرة المستقبل ولا بد هنا أن أتطرق إلى حقيقة هامة لنختار فيها الموقف السليم والمسلك المناسب والصحيح، وهي أن النزاع والتنافس بين الجديد والقديم أو بين جيل الآباء وجيل الأبناء طبيعي، بل وحتمي لأنه سنة من سنن الله في الحياة وحقيقة من حقائق التطور في ظل زمان ومكان وإلى ما شاء الله، فالبلدان التي تحكم حكماً ديمقراطيا ًلا يكون لهذه الحقيقة أية آثار سلبية وردود فعل عنيفة وضارة، فالتنافس يعبر عن نفسه في شكل صراعُ فكري وجدل ديمقراطي وحوار ومناقشات قد تكون حادة وقاسية ولكنها طبيعية ولا داعي للضيق بها.
كما يعبر عن نفسه بالسلوك العملي الإيجابي من خلال تجمعات ونشاطات سياسية وفكرية وترشيحات وانتخابات وطموحات مشروعة إلى السلطة والعمل السياسي، والخطأ كل الخطأ محاولة قمع أو كبت هذه الحقيقة، إذ أن الشعوب التي نشاهدها أو نسمع عنها تبرهن لنا أن كبت التنافس السلمي والإيجابي بين الجديد والقديم وكبحه عن التعبير السليم ـ عن وجوده بالصراع الفكري والسياسي إلينا في ظل الدستور والقانون ـ لا يؤدي إلا إلى نتيجة واحدة وهي أن يتجه إلى التعبير عن نفسه بالعنف والصراع الدموي، القلاقل والصراع الشرس على السلطة والاضطرابات وحالات الطوارئ والأحكام العرفية وإلى أخر هذه المظاهر السلبية والضارة والخطيرة على مصير الشعب وعلى الديمقراطية والوحدة.
إن حياة الشورى والديمقراطية ونظام الحكم الجماعي وتحديد فترة الرئاسة هي من مكاسب شعبنا المناضل بكل معانيها السامية ومزاياهما الوطنية، كذلك فإن تجسيد معنى نظام الحكم الجماعي، يعني الحكم فيه ليس حقاً إلهيّاً مقدساً، والحاكم ليس صمناً يُعبد من دون الله.
والشعب ليس قطيعاً يساق بالعصى وليس عبيداً يمتلكهم الأسياد.
والمسؤولية في النظام الشوروي الديمقراطي ليست مغنماً ولا مكسباً شخصياً، بل هي رسالة وواجبات يكلف بحملها أي فرد من أفراد هذا الشعب ومن أي قطاع من القطاعات مادام كفئاً بمواقفه لا بالإرث ولا بسلالته أو أصله، بإخلاصه لا برغبته ونزوعه، بثقة الشعب فيه لا باستسلام الشعب له وانتقاله إلى ممتلكاته.
هذه أصول أساسية في النظام الجمهوري الديمقراطي.
ولكي تصبح سمة من سمات شعبنا، علينا جميعاً ترسيخها وتعميقها في القلوب والعقول بالممارسة العملية والسلوك الدائم لتبقى حقيقة بارزة في حياة شعبنا وحتى لا يقع مرة أخرى في حبائل الفردية والدكتاتورية والحكم الاستبدادي الذي يفرغ النظام الجمهوري الديمقراطي من محتواه عملياً وإن ظل يتغنى به وبشعارات مزيفة كاذبة لذر الرماد في العيون وتضليل الجماهير عن مصالحها الحقة.
العميد/ محمد حسن شاطر
مسؤولية الحكم 2051