لا شك أن وجود بنية اجتماعية قوية يمكن أن يخفف نوعاً ما من الطبقية التي فرضتها علينا رأسمالية الغرب واشتراكية الشرق في تزاوجها اللآمنطقي الأرعن، بعد أن فشل التاريخ في وضع لبنة أخيرة في جدار العزلة بين الماضي والحاضر ومع هذا فالطبقية موجودة بفعل وجود النخبة، وعلاقات الامتياز الاقتصادي بين الحكومات والرأسماليين الموالين لها، غير أن تلك الطبقة المتوسطة التي تقع بين سقف الترف وأرضية الجوع المدقع هي من يصنع المعجزات الاجتماعية والخوارق السياسية في أغلب الأحيان، فوجود جمعيات ومنظمات حقوقية وخيرية واستشارية وعونية داعمة أدى إلى ظهور فكرة تبني بعض الفئات الأكثر حاجة والأشد فقراً وربطها بقضايا سياسية أحياناً أو نادراً..
المهمشون في اليمن هم الفئة الأكثر فقراً في واقع الحال ولكنهم في نفس الوقت الأكثر جرأة في الحصول على لقمة العيش بطرق بعضها معلوم والبعض الآخر مجهول، حتى أصبحت فئة الفقراء من القبائل أمام هؤلاء فئة مهمشة جديدة تدخل كتاب التاريخ من أكثر الأبواب قسوة وذلاً وظلماً، ولهذا تكتفي هذه الفئة ببعض المشاريع الصغيرة جداً التي تدر اليسير من الربح فقط ليسد الرمق ويكف تلك الأيدي عن ذل المسألة، المهمشون من الفقراء سواء كانوا من سكان الصفيح "الأخدام" ـ مع الاعتذار عن استخدام هذه اللفظة العرقية ـ أو الفقراء من أبناء القبائل لم يجدوا الدعم الحكومي اللآزم للحصول على مداخيل مادية كافية عن طريق الصندوق الاجتماعي أو الجمعيات الخاصة برجال الأعمال في البلد ولهذا سيبقى هذا الملف أيضاً ضمن التركة التي ورثتها الدولة والتي تركت الكثير من الملفات المفتوحة عن قصد أو غير قصد مع افتراض حسن النية من قبلنا وإن كنا شهود عيان على قيام هذه أو إندثار تلك، وإن لم تكن تعرف لهذا النور معنى، خاصة أن من بينهم من لم يبصر الكون ولو للحظات، فهو يعيش عالماً لا مرئياً لا يعرف معالمه إلا الله خالق الناس أجمعين، المعاقون حركياً أو حسياً فئة تحت مظلة التهميش حتى وقتٍ قريب، نعم أصبح هناك جميعات حكومية وأهلية لتأهيل المعاقين وتأهلهم وإعادة دمجهم بالمجتمع، لكن ذلك ليس بالعمل السهل وتصوروا أن الكادر الذي يؤدي هذا الدور البطولي لا يجد الدعم الكافي للإرتقاء بإمكانياته الوظيفية والمعيشية والمهنية التي تدفعه لتقديم المزيد، الأمر الآخر أن الكثير من المعاقين أيضاً لازال خارج دائرة الاحتواء، إذ يجهل الأهل أهمية تأهيل هؤلاء وتعليمهم وإخراجهم من نفق الوحدة الذي يقضي بعضهم نحبهُ وهو يحاول الخروج منه ثم لا يستطيع، والآن نحن على أبواب الاعتراف بوجود فئة أخرى من المعاقين حركياً وحسياً حديثي العهد بالإعاقة أو أصحاب الإعاقات المستحدثة والتي حدثت ولا زالت تحدث منذ اندلاع ثورة فبراير الشبابية السلمية، ولهذا نكرر القول دون ملل أن المسؤولية اليوم عظيمة والمهام الموكلة إلينا جسيمة والحل في التعقل والحكمة والتنازل عن أهواء النفس وتقديم مصلحة الوطن على أي مصلحةٍ أخرى لا تلبث أن تزول، أتساءل باستمرار أما آن لرسائل الإعاقة والتهميش أن يٌكشف حبرها السري وتُقرأ على الملأ؟!.
ألطاف الأهدل
المعاقون والمهمشون.. رسائل مغلقة 2061