منتهى العقل الجنون.. هكذا يبدو شكل تصرفات بعضنا راهناً في مدينتنا "الضالع" خلاص فقدنا رشدنا وصوابنا وحكمتنا في التعاطي مع الكثير من مشاكلنا العادية والمعقدة، فلم نعد نفرق بين الصح والغلط.. تواشج الجهل المصدر إلينا بالغباء الكامن فينا.. عميت أبصارنا وبصائرنا.. أوداجنا تنتفخ غضباً ليس على من يرتكب جرم بحقنا وإنما ضد أنفسنا وضد مصالحنا وعيشنا واستقرارنا.
الذين جرعونا المرارات لم نستطع أن نهز صياصيهم، لأننا في كل مرة لم نحكم ردة الفعل تجاههم قدر ما نجيد اختزال المسافات هنا في شوارعنا وحاراتنا وأزقتنا ومباني مصالحنا العامة، نفعل ما يضرنا غالباً.
في هذه المرة بلغ انتقامنا من أنفسنا أشده بإغلاقنا لمكتب بريد مدينتنا – مستودع قوت أطفالنا- والفائق في الاصطبار على أمزجتنا ورغباتنا ونحن ندلف بوابته متى ما شئنا في الصباح أو المساء لاستلام معاشاتنا الشهرية وبكل يسر وبساطة.
لا أدري ما الذي حدث لعقولنا؟! حتى نجازي هؤلاء الذين يلاطفوننا تعاملاً طوال أيام الأسبوع؟! هل مللنا صبرهم وعدم تبرمهم منا؟ أم أن محفزنا لهذا التصرف هو التشوق للسفر إلى المدن البعيدة لاستلام مرتباتنا؟! أم هي الرغبة العارمة لمضاعفة بؤسنا ونكدنا وتعاستنا؟.
إن ما يضاعف ذهولنا وانصعاقنا هو أن يحدث كل هذا في ظل صمت مطبق من قبل عقلائنا، وكما يبدو فإنهم محرجون من هذا الواقع المزري، فخيروا بالمقولة: ( إن الجنون أن تبقى عاقلاً بين المجانين)، فحبذوا - ونحن معهم- الجنون، ولكن من النوع المتشح بالصمت ونتف شعر الرأس حتى يقع الفأس بالرأس ويستصعب على جميعنا المراس ونتذوق سوياً مرارة الكأس!!.
قائد دربان
منتهى العقل الجنون 1780