;
مجيب شمسان
مجيب شمسان

حتى لا يقع الفأس على الرأس 2033

2012-01-26 16:19:23


هل من حق كل إنسان أن يقول كل ما يعرف، أم أن عليه أن يعرف كل ما يقول ؟ إن الحرية توجب المسؤولية كما الإجبار يسقط العقوبة إن من خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقكم أيها الناس قد جعلكم مخيرون حتى تكونوا مسؤولين على أعمالكم، فالحرية لا تعني مطلقا أن تلقى اللائمة على غير الحر ,أقول هذه العبارات وقد ساءني ما ألحظه من موت الضمير و والتصرفات اللامسؤولة التي لا قصد لها إلا أن يقتتل الناس فيما بينهم وكأنهم قادمون علينا من كوكب أخر ولا تربطهم صلة بهذا الوطن ما أود قوله هنا يمس المسؤولية الإعلامية التي أصبحت وللأسف إعلانية وعدلت عن رسالتها في نصرة الحقيقة، فلقد أوصلتنا الوفرة الإعلامية وبمساندة الجهل المطبق إلى ديمقراطية سديمية اختلط فيها الحابل بالنابل وأصبح إدراك حقيقة ما يدور شيء من الفلسفة واليوتوبيا التي لا توجد إلا في عالم آخر، تمر في الشارع تجد الكتيبات التي ما انزل الله بها من سلطان مشحونة بالكره والعصبية والتضليل مع غياب كامل للرقابة عليها وعدم شعور بالمسؤولية لما يمكن أن تكونه تلك الكتيبات من وعي في أذهان الناس مستقبلاً   فمع غياب المنهجية العلمية للتعامل مع المعلومة وندرة المؤلفات المسئولة وبعدها عن متناول القارئ مع ضخ ذلك الكم الهائل من الكتيبات المؤدلجة التي تقف على باب الجنة تدخل من تشاء وتخرج من تشاء ولا حول ولا قوة إلا بالله.
تجد الناس يتحدثون هنا وهناك انطلاقا من مرجعية مأزومة وصراع متجاوز أعادت إنتاجه تلك الكتيبات التي لا يأبه لها , لكنها في حقيقة الأمر تنخر في جسد العقيدة بهدوء لنجد أنفسنا بعد فترة من الزمن ننقسم طوائف ومذاهب وأحزاب وشيع  وتصبح البلاد سوق أديان كل يعرض ما لديه ويعتز به ويحقر الأخر ويقصيه وكل يدعوك إلى دكانه بان الطائفة الناجية عنده وليست عند غيره, إنني لا أتحدث هنا عما يجري اليوم، بل أتحدث عن غد وعن الجيل الصاعد الجيل الذي يحرم من قراءة الحقيقة ومن مراجعها مع سبق الإصرار والترصد ويعاد تشكيل وعيه الديني بما يخدم أجندة معينة، فهذا الجيل الذي يتشرب من تلك الكتيبات والقنوات والصحف قيم التطرف والمغالاة والإقصاء دون أن يجد من يعيده إلى الوسطية والاعتدال إلى الإسلام الحقيقي، لا الإسلام السياسي، فالمنهج المدرسي يعجز عن وظيفة كهذه بعدته الحالية وخطب المنابر مازالت أموية وعباسية في معظمها تجتر الصراع وتعيد استهلاكه من جديد بوعي وبدون وعي، وإذا خرجت عن هذه الدائرة انتقلت إلى دائرة رضا الحاكم، فشغلت نفسها بما يرضى وبما لا يرضى، فقد جعل هؤلاء الدين للدولة بعد أن كانت الدولة للدين وسخرت النصوص وحملتها فوق احتمالها ليجد المواطن المسكين نفسه من منظور هؤلاء مخير بين أن يطالب بحقه ويصبح كافراً وبين أن يظل على إسلامه جائعاً، هذا وغيره لا سبيل لذكره الآن, ولا يقف الأمر هنا عند مسؤولية أدعياء الدين بل حتى الدولة تخلت عن مسؤوليتها -هذا من باب أن جاز لنا التحدث أن ما كان قائماً يسمى دولة- فالسياسة الاجتماعية للدولة التي ينبغي أن تأخذ على عاتقها إعادة بناء وعي حقيقي لمواطنيها وتعمل على تحصين الفكر غائبة عن الساحة اليمنية منذ زمن ووسائل الإعلام تحولت إلى وسائل إعلان – لا تكتفي بالترويج للمنتجات وتصبح دكاناً إلكترونياً، بل تعدت ذلك للترويج لبشر ورفعهم لمصاف الملائكة، فبنوا لهم صروحاً لعلهم يطلعون على آلهة الشعوب، متناسين أن من يكذبون عليهم ويزيفون وعيهم هم أبنائهم وإخوانهم مع غياب شبه جماهيري لتحمل المسؤولية الحقيقية تجاه أبناءنا وتجاه هذا الوطن، مع وضع كهذا ما لذي نتوقعه مستقبلاً، هل ننتظر حتى يقع الفأس على الرأس؟، أم نكتفي بإبعاد رؤوسنا؟ إن الحل الأول يعد استسلامياً يتنافى مع التكليف الرباني لهذا الإنسان، فترك الأمور كما هي عليه يعني أن نترك للآخر مجالاً مفتوحاً ليمارس ما يشاء فينا ونتقسم كما شاء وان نتصارع لما يشاء عندها يسقط الفأس على الرأس وسقوط الفأس على الرأس لا يحتاج أن نوضح معناه.
وأما الحل الثاني بان نبعد رؤؤسنا مع بقاء الفأس قائماً فليس حلاً، فغفوة واحدة قد تجعله يسقط فوق رؤوسنا، إن الحل الوحيد هو إمساك الفأس بكل الأيدي لنجعل منه سلاحاً لنا لا علينا، لابد أن ننهض ونفيق ونستشعر حجم الكارثة على أجيالنا اللاحقة، فالمشكلة ليست مما يتغاضى عنه بالمسكنات، بل بإجراء تدخل جراحي سريع قبل أن ينتشر المرض ونصبح مجبرين على بتر أعضاء يصعب علينا التخلي عنها، كونها من جسم هذا الوطن الواحد.. عندها لن يرحمنا التاريخ ولن يغفر لنا من قدموا دمائهم فداء لهذا الوطن خطأ كهذا، فيحل علينا عذاب من فوقنا ومن تحت أرجلنا ونصير شيعاً متفرقين يذوق بعضنا بأس بعض.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد