أهلا بكم في إمارة زنجبار ولاية أبين، هكذا وفي ظرفية وجيزة بات على نازحي أبين طلب تأشيرة سفر إلى ديارهم، لقد تم تهجيرهم وتشريدهم غصباً وتحت طائل القتل والرعب، الآن وبعد خمسة أشهر على الحسم العسكري ؛ ها هي محافظة أبين قد صارت ولاية إسلامية تذكر العالم بإمارة الملأ محمد عمر ومليشياته المؤسسة لأول إمارة إسلامية في أفغانستان.
كيف ومتى صارت القاعدة الفارة من الملاحقة إلى صحراء وجبال اليمن قوة منظمة وبهذا الشكل المخيف ؟ المسألة لا تحتاج إلى ذكاء لنكتشف حقيقة هذا التنظيم المطارد في شتى بقاع الدنيا وقد صار مارداً لا يقهر.
الجاهل في السياسة سيدرك أن عناصر القاعدة في الوقت الحاضر ليست إلا جماعات لا تتعدى العشرات أو المئات غير قادرة على البقاء في مكان آمن ولو ليوم واحد، فكيف صارت وخلال مدة قصيرة قوة ضاربة ومؤثرة ولحد مواجهة ألوية الجيش بل والى اجتياح محافظة والاستيلاء على كل مقدراتها ومقراتها وإقامة فيها أول إمارة طالبانية.
الورقة الأمنية أعتقد أنها أول وأخر الأوراق، فالرئيس مازال مسكونا بذات الهاجس الأمني الذي لطالما كان عاملاً مهماً وأساسيا في بقائه كل هذه المدة الطويلة، إنه ومنذ صعوده المباغت إلى سدة الرئاسة في يوليو 78م والناحية الأمنية هي المهمة التي أتقنها وأجادها مع الداخل والخارج ولحد العبث والتفريط بكل شيء، السيادة والتنمية والاستقرار وغيرها.
لعقود ثلاثة ويزيد والرئيس يواجه المشكلات الاقتصادية والسياسية بورقة العبث بالاستقرار، فكما اعتاد في السبعينات مواجهة الخطر المتسلل من الجنوب الشيوعي إلى المناطق الوسطى ؛فأنه ومن خلال الورقة ذاتها أستطاع التنكيل بشركاء الوحدة ومن ثم شركاء العملية السياسية وليس أخرها التفجيرات الإرهابية الحاصلة قبيل يوم الاقتراع 2006م والتي لم يتورع بنسبها لمنافسة المناضل النزيه المدني المهندس فيصل بن شملان المرشح القوي الذي نكن له فضل كسر الخوف والجمود والرتابة.
فبعد أن شعر صالح بخطر المرشح المعارض وبعجزه عن وقف الرجل السبعيني لم يجد حرجاً في توظيف أشلاء الجثث وتوجيه أصابع الاتهام لمرافق بن شملان ودون حياء أو خجل أعلن على الملأ بصلة الحادث المروع الذي أستهدف منشآت نفطية حيوية بمنافسه الرجل الورع والصادق والمسالم بن شملان، فحتى بعد تبرئة الحارس الشخصي حسين الذرحاني لم نر من الرئيس ما يشي بالخجل والعار.
في أخر لقاء لصالح بقادة المؤتمر لوح باستخدام وسائل أخرى إذا ما ظلت وتيرة إسقاط رموز الفساد قائمة وفي حال بقى الرئيس المؤقت وحكومة باسندوه على وفاق تام،حينها أيقنت بأنه مازال بوسعه تأزيم وتعقيد الأوضاع ما بقي فيه نفساً، فكما هو معلوم انه وطوال سنوات حكمه ظل جهده وتفكيره منصباً في إدارة البلاد بالأزمات.
سألت : أين ستكون الطعنة الغادرة ؟ في الرأس أم الخاصرة أم الأطراف ! قطع الطريق أم الكهرباء، أم اختطاف دبلوماسي، أم اغتيال سياسي، أم عمليات إرهاب، أم اجتياح حوثي، أم إعلان انفصال من إذاعة عدن أم أم ؟!.
الواقع أن النظام لا يلعب سوى على الورقة الأمنية التي بلا شك برع فيها ولحد أنها صارت جزءاً من تكوينه الذهني والنفسي،لا أعتقد أنه بتهديده المبطن لا يقصد به استخدام القوة العسكرية أو أغلبية المؤتمر المعطلة لمسيرة التوافق وإنما العبث بالسكينة والاستقرار المجتمعي.
فالنظام في الأساس يرتكز وجوده على خلق الاضطرابات والأزمات وبث الشقاق والفرقة في المجتمع، وعليه فأن لا خيار أمامه سوى زعزعة الاستقرار وتعكير الحياة اليومية، فبرغم كثافة العدة والعتاد والألوية التي تشكل قوام القوات الموالية له إلا أنه يدرك وقبل غيره أنها قوة لا يمكن الوثوق بولائها، فاستخدامها في أية مواجهة مباشرة حتماً سيكون بمثابة الانتحار.
ما نشاهده اليوم في رداع يعد واحدة من تجليات العقلية السلطوية التي أتقنت اللعب بورقة الأمن ولحد الإدمان فكيف إذا ما صارت هذه الورقة مدعومة إقليمياً ودولياً؟ فالقاعدة تعني الإرهاب ومحاربة تنظيم القاعدة يعني ملايين الدولارات ومزيداً من الرضاء والدعم لعلي عبدالله صالح، إذن لا تستغربوا إذا ما رأيتم إمارة هنا وولاية هناك، فكلما في الأمر أن النظام يدفع بأخر أوراقه، أنه يلعب لعبته المفضلة وفي وقت صارت أوراقه مكشوفة ولعبته مملة وعبثية.
محمد علي محسن
أهلا بكم في إمارات الستين 2446