تزاحمت علُّي الأفكار، وتكاثرت الأعمال، لدرجة لم أستطع التفكير واتخاذ أي قرار، لان من عادتي التمهل والتأني عند اتخاذ أي قرار، مهما كان نوعه أو حجمه، فلابد أن يأخذ حقه في التفكير العميق والبحث الدقيق عن الآثار السلبية والايجابية في حال أتخذ، أم لم يُتّخذ.!
الكسل أحلى من العسل:
أمورٍ كثيرة أصابتني بالإحباط والحيرة، وشعور غريب انتابني خلال الفترة الأخيرة، فكلما أردت عمل شيء أجد نفسي أمام مفترق طرق، وشعور بالخوف والقلق وعدم الرضا.
كسل وخمول تمالكني خلال الآونة الأخيرة، ونال مني الإرهاق مناله، وضاع بعض وقتي في أشياء لم اجنٍ من وراءها سوى وجع القلب والدماغ، وصرتُ مستسلماً للمثل القائل" الكسل أحلى من العسل"
أسباب ومسببات:
وقد بحثتُ عن أسباب شعور الإنسان بالإحباط أحياناً، وعدم الرضا عن النفس غالباً، ووجدت أن كثيراً منا عادة ما ينظر إلى الجانب المظلم في حياته، ويتذكر مواقف وأحداث مؤلمة مرت عليه، فربما أخفق في تحقيق شي ما، أو مر بتجربة قاسية.. وبالتالي بات الإحباط ملازمه..
طبيعي جداً:
ومن الطبيعي أن ينظر الإنسان إلى الجانب المظلم في حياته أكثر من المشرق، لاسيما إذا كان النظر بدافع المحاسبة والمراجعة، فقد ورد عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه قال:" حاسبوا أنفسكم قبل أن تحُاسبوا، وزنوها قبل أن توزن عليكم، وتزينوا للعرض الأكبر".
فمحاسبة النفس وتأنيبها، والاستفادة من نجاحاتها، وإخفاقاتها، من المحصنات التي تمنع النفس من الانزلاق في مستنقع الشهوات، والانجرار وراء المعاصي والنزوات والمغريات.
فالنفس البشرية بحاجة إلى المجاهدة المستمرة، والمحاسبة الدائمة، ولا غرابة، فنحن بشر نُصيب ونخطئ، والشاعر يقول عن النفس البشرية:
والنفس كالطفل أن تتركه
شب على حب الرضــــــــــــاع
وان تفطمه ينفطمـــــــــــــــــيِ
فخالف النفس والشيطان وأعصهما
وأن هما دحضاك النصح فأنتصحِ
لا تكن كالذبابة:
بعض الناس لا ينظرون إلا إلى الأشياء السلبية، فهم كالذباب لا يقع إلا على الأوساخ وأماكن تجمع القاذورات.
عندهم نوع من المبالغة، فهم يرون الزهر شوك، والشوك زهر" ويعملون من " الحبة قبة" فيدخل الرجل إلى بيته وإذا بالزوجة قد أعدت أصنافاً من الطعام الشهي واللذيذ، ووضعت الروائح الزكية داخل البيت، ورتبت أثاثه، وهندمت الأطفال، وجعلت البيت"جنة مصغرة" خالية من هموم العيش، وما من شأنه تعكير صفو الحياة، وإذا بهذا الرجل لا ينظرُ إلى تلك الأمور، وإنما يبحث عن سبب تافه ليحول الحياة إلى جحيم لا يُطاق، فيسب ويشتم لان صنفاً من الطعام كان الملح فيه زائد..!
موسى العيزقي
صرخة في وجه الإحباط 1789