الصحافة السلطة التي افتقدنا قُربها من المجتمع لسنوات طويلة، هاهي اليوم تعود لتنبض بأوجاع المجتمع وتتنفس جروحه، لتتنهد بحلول حقيقية لمشاكل المواطنين وهمومهم وهذه المعجزة كانت إحدى براهين نجاح الثورة التي انتفضت فيها إرادة تغيير لكل ما هو خاطئ وتصحيح إعوجاج مسار كثير من المؤسسات وأبرزها المؤسسة الإعلامية - مرئية كانت أو مقروءة لتظهر بسمات التغيير المرسومة على شاشتها وصفحاتها، نعم لقد عادت السلطة الرابعة بعد أن كانت مرمية في غياهب الديكتاتورية المظلمة التي حبست أنفاس الحُرية عنها، حيث كانت تفتتح يومها بالبسملة بذكر منجزات وهمية للنظام، وتختتم بالسلام على أفراده..
هذه هي السياسة الحقيرة التي كانت متبعة السياسة التي سيطرت على كل السلطات، فلن تكتفي بصورية الاستقلال لسلطات الدولة، وإنما جندت أيضاً سلطة الإعلام والصحافة لتزييف الحقائق الناتجة عن هذه الصورية التي جعلت جميع السلطات تتبع شخصية واحدة هي التي تُشرع وهي التي تنفذ وهي التي تحكم وتقضي، لكن الماضي ولى واستعادة هذه السلطة يعني وجود مرآة تعكس الواقع الحقيقي لمشهد الأحداث في البلد.
فالصحافة بدأت تدريجياً باجتذاب اهتمام الناس بها، لأنها ظهرت مؤخراً مُرتدية حُلة التغيير، فصارت ملامحها تشبه الشعب الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل أن يحصد ثمار الثورة، ليضمن محصول دائم يُشعره بالطمأنينة لفترة قادمة صورها البعض، بأنها ستكون صعبة وستثقل كاهله السياسي..
أبرز نموذج لما ذكرته هي صحيفة "الجمهورية" الصحيفة الرسمية التي أقترح أن يُستبدل وصفها بالشعبية بدلاً من الرسمية، فقد هدمت هذه الصحيفة جسر الإقصاء التي كانت تمر فوقه بانكسار ممنهج، جعلها تفقد مصداقيتها المهنية بين ركام هموم الشعب ومعاناته، فبرزت بأجنحة الانحياز للشعب، فهاهي تُحلق بشموخ في سماء الصحافة الوطنية، فتجعلنا نرفع رؤوسنا حين نقرأ سطورها المتزاحمة بالإحساس بالمسؤولية والمهنية العالية، فالتحول الإعلامي والنقلة النوعية للصحافة المحلية هي درس من الدروس العظيمة التي تعلمناها في مدرسة الثورة: هذا الحرم المقدس الذي نخلع عند بابه نعال الهمجية والعشوائية والإقصاء لنكتسب فيه المعرفة بالحياة المدنية التي نحاول أن نُطبقها كنظرية في واقعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإعلامي.. هذا الأخير الذي صار يلامس صرخات مطالبنا.
شكراً للثورة التي أنجبت واقعاً جديداً لم نكن نعايشه سوى في عالم افتراضي اسمه الأحلام، واقعاً أصواته أقلام حُرة وسطور جرئية جعلتنا نؤمن بميلاد الحقيقة عندما سمعنا صرخاتها تُنادي بالحق وتستنكر الباطل.
* بقايا حبر:
وجدت بين السطور وجهاً وطنياً.!!
فتهاوت أحرفي تلعثماً..
وتعثرت كلماتي إرتجافاً..
فلن ألومك يا قلمي!!.
فإبداع حبرك سقط ساجداً يُقبل ثراه.
naaemalkhoulidi23@hotmail.com
نعائم شائف عون الخليدي
عمود بقايا حبر عادت السلطة الرابعة 2290