ثورة اليمن إلى أين ؟ سؤال تم طرحه بعيد ثلاثة أسابيع من الثورة ومن خلال مقالة صحافية ،وها أنذا أعيده وقبيل أسبوعين فقط من ذكرى أول تظاهرة شعبية غير مألوفة شهدتها العاصمة صنعاء العام الفائت ، اليوم أجدني أسأل : ثورة اليمن إلى أين؟.
المشهد ضبابي وقاتم لا يوحي بأن الرئيس ونظامه صارا من الماضي ، فمبادرة الخليج والأمم المتحدة رغم كونها حلا انتقاليا مقبولا لمن يعرف اليمن وطبيعة الثورة فيها إلا أن ما نشاهده على الواقع من عنت ورفض، بل قولوا تخريب وتدمير لكل مسعى يراد به إخراج البلاد؛ لا يشي بأن الرئيس الشرفي يسير على خطى ما تعهد به ووقع عليه .
تصوروا رئيس حكومة يستجدي الأشقاء في الخليج لأجل مساعدة بلدة في ظرفية صعبة وقاهرة كهذه، فيما الرئيس المفروض أنه صار فخرياً وشرفياً جل جهده نسف وتعطيل كل محاولة وجهد يراد بهما إنقاذ اليمن ، إنه لا يتورع عن اختلاق الأزمات والمشكلات ، ليست جماعات القاعدة التي أطلت بقرونها في أبين ورداع سوى واحدة من منجزاته ، فلا تستغربوا إذا ما رأيتم قيادات مؤتمرية متحمسة للانفصال أكثر من علي سالم البيض ذاته أو شاهدتم ما هو أسوأ من إمارة طالبان في أبين أو رداع .
اليوم يكاد اليمن متوقفاً ومعطلاً بانتظار نهاية لهذا الماراثون المنهك للجميع ، لقد انشغلنا جميعاً بمظاهر شكلية لا قيمة أو وزن بالنسبة للمواطن العادي الذي يتجرع ويلات الكهرباء والبطالة والخوف والمعيشة وزيادة أسعار الوقود والغاز وووإلخ.. الحصانة للرئيس السابق وأعوانه أولا أم تزكية الرئيس الجديد ! مرشح واحد توافقي وفقا واتفاق الفرقاء أم أكثر من مرشح بناءً وترمومتر المزاج من الرئيس التوافقي ! قائمة مفتوحة أم قائمة حصرياً .
لدينا الآن رئيس لا يريد التسليم بحقيقة أن حكمه شارف على أن يلفظ نفسه الأخير، يقابل ذلك رئيس جديد مازال أمامه ثلاثين يوماً كيما يصير رئيساً يستطيع مباشرة مهامه ، لدينا حكومة وفاق برئاسة محمد باسندوه ولدينا أيضاً حكومة خناق برئاسة علي وأعوانه ، لدينا ثورة في الساحات وانتفاضة في المؤسسات والهيئات ولدينا عصابات مسلحة لقطع الطرقات والتيار وإمدادات البترول والغاز.
لا أدري ما جدوى الحديث عن الحصانة إذا كان فارس الحصان مستمراً بقتله وعبثه وفساده؟.. نعم قانون العدالة الانتقالية الذي بشر به الوزير الدكتور محمد المخلافي قد يكون حلاً ناجعاً للمشكلة المحتدمة بل ولمشكلات البلد السياسية ، ولكن ما ينبغي إدراكه أن اليمن ليس كما جنوب إفريقيا ، فقانون مثل هذا يستلزمه الكثير كي يكون نافذاً في الواقع .
فإذا كان جنوب إفريقيا محظوظاً بزعيم بقامة نيلسون مانديلا فإن اليمن منكوبة برئيس اسمه علي عبدالله صالح ، فلا وجه للمقارنة ما بين الشخصين، فزعيم إفريقيا خرج من سجنه الطويل ليؤسس لجمهورية واحدة يسودها الرخاء والتسامح بين الأقلية البيضاء والأكثرية السوداء بينما رئيس اليمن لا يريد أن يغادر الرئاسة بعد 33عاماً .
فمن سوء طالع اليمنيين أن رئيسهم الذي حكمهم كل هذه المدة ليس في رأسه أدنى تصور لماهية الدولة الوطنية التي ينبغي أن تسود على كامل جغرافية اليمن ، إنه وبإيجاز لا يستطيع أن يؤسس ليمن آخر يسوده التسامح والتعايش والعدالة والحريات وغيرها من مفردات عصرية وحداثية لا يمكن استيعابها وإدراكها من شخص أناني ونرجسي لا يفكر سوى بالبقاء في السلطة وليذهب شعبه إلى الجحيم .
محمد علي محسن
ثورة اليمن إلى أين ؟ 2158