في الأيام الأولى لاندلاع ثورات الربيع العربي المباركة لم يكن في الحسبان أن تثور اليمن الحبيب رغم أن الثورة فيها "حاجة ملحة" ومنذ زمن بحاجة إلى التغيير دون سواها.. فقد تساءل الجميع كيف تثور اليمن ثورة سلمية وشبابها من يمتلكون أنواع الأسلحة؟! كيف يثور أولئك الشباب الفقراء الذين لم يحضوا يوماً بالتعليم كسائر الخلق؟! كيف يثور ذلك الشعب القبلي المتعصب الذي لا يجيد سوى مضغ القات؟!
لقد أثبت الشباب اليمني عكس كل ذلك..خرج الشعب العظيم بأكبر زخم جماهيري سلمي عرفه التاريخ.. انضم إليه القبائل والمثقفون والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني , وانضم إليه كذلك "الجيش الحر" إلا ما رحم ربي.
رفض هؤلاء الضباط والجنود الأحرار على حد سواء أوامر قادتهم بقتل المتظاهرين السلميين وحبذوا الوقوف إلى جانب الشعب الصابر, فمعاناتهم واحدة وهدفهم واحد هو "بناء يمن جديد". للأسف الشديد كوفأ هؤلاء الأحرار بالقمع تارة وبالزج في السجون الحربية تارةً أخرى, كان بالأحرى أن يكافئ هؤلاء الوطنيون بأحسن من ذلك، لكن للأسف الشديد كوفئوا بقطع أرزاقهم وتسريحهم من وظائفهم والبعض الآخر بالانتقالات التعسفية إلى المنفى.
أخص هنا بالذكر تعز الثورة; أو بالأحرى ضباط وجنود اللواء 33 مدرع, وضباط وجنود الحرس الجمهوري والأمن المركزي المنضمون للثورة الذين رفضوا اقتحام ساحة الحرية وإحراقها على قاطنيها ورفضوا أوامر قتل المتظاهرين السلميين من قبل قادتهم "ثلاثي الحقد الأسود".
يا حكومة الوفاق! هناك عشرات الضباط و مئات الجنود الذين سرحوا من وظائفهم لا يجدون ما يقتاتون به لا هم ولا أطفالهم! هل اقترفوا جرماً حينما التحقوا بركب الثورة المباركة؟! لماذا من قتل المتظاهرين مازالوا يسرحون ويمرحون بينما يحارب المنضمون بقوت يومهم؟!
في تعز, الكل يعاني معاناة كبيرة المدنيون والعسكريون على حد سواء, لماذا إلى الآن لم ينظر في مشاكلهم؟! بعض الجنود المنظمين ما زالوا يقبعون في زنازين انفرادية يقاسون أبشع أنواع التنكيل العنصري, إلى الآن والمئات منهم لا يجدون ما يسد رمقهم بعد قطع مصدر رزقهم الوحيد! من أتكلم عنهم ليسوا بالعدد الهين, إنهم يناهزون الألف ضابط وصف ضابط وجندي!
رغم حدوث التسويات السياسية المجحفة إلا أن هؤلاء لم يدخلوا في أي من هذه التسويات ولو حتى على الهامش..أعطيت الحصانات والضمانات لمن قتل المتظاهرين العزل وكوفئ من رفض القتل بالإبعاد القسري والذل والمهانة والملاحقة في لقمة العيش, مالكم كيف تحكمون؟! لا حول ولا قوة إلا بالله.
يخرج هؤلاء الشرفاء بشكل شبه يومي للاحتجاج السلمي والمطالبة بحقوقهم المنهوبة، لكنهم يكافئون بالاعتداء من قبل ما يوصفون بالبلاطجة بأوامر وحماية أمنية .. هكذا يحدث دائماً عندما توكل الأمور إلى غير أهلها! من ينقذ هؤلاء وأبنائهم؟! لماذا حتى لا يُلتفت إليهم ولا إلى ما يعانون؟!..
نرجو من منظمات المجتمع المدني والإعلام المستقل وكذلك الإعلام الرسمي وأخص بالذكر "صحيفة الجمهورية" التي تشعرنا بمكاسب الثورة التي هي ربما المكسب الوحيد الذي نلمسه, نرجو منكم التعاون في إيصال معاناة هؤلاء الشرفاء إن كنا لا زلنا نعتبرهم "بني آدم" إلى من يهمه الأمر ليوقفوا هذه الكارثة الإنسانية قبل أن تتحول إلى طوفان يأكل الأخضر واليابس!.
متولي محمود
الجنود المنضمون للثورة.. وتستمر المعاناة!! 1879