سمعنا كثيراً من التعليقات حول تغيير يوم الإجازة الإضافي ليوم الجمعة من الخميس إلى السبت وإن كان لا يهمنا إن كان الخميس أو السبت أو إلغائهما الاثنان معا، فنحن لسنا في اليابان غارقين في الشغل والعمل نحتاج إلى قانون أو قرار يحدد لنا يوم الإجازة لكثرة شغلنا وتعلقنا بالشغل لدرجة الإدمان بحيث لا ندري متى يوم الراحة والإجازة ما لم تحدده الحكومة...
لم يكن الوطن بحاجة لمثل هذا القرار في هذا الوقت، خصوصاً والأعناق مشرئبة والأعين مفتحة والألسن جاهزة وربما المؤامرة من وراء الكواليس تحاك لإفشال هذه الحكومة... ويتتبع الجميع كل الخطوات والقرارات للنيل من أبسط الهفوات التي قد تقع فيها حكومة الوفاق الوطني، أو السعادة بما تنجزه الحكومة لتخرس به الألسن التي لا تعرف إلا الكلام ولم يقدم أصحابها خلال ماضيهم إلا الكلام، يوماً بالمواعيد التي لم يتحقق منها شيئاً ويوماً بالشكوى من الفقر وعدم توفر الإمكانات التي أهدرها أصحاب الكلام ويوماً يعزون فشلهم للمؤامرة التي لا ندري من وراءها، لم تعجب البدايات الجيدة والموفقة المتربصون بالحكومة كقرار توقيف منح الوزراء سيارات جديدة ورفض رئيس الحكومة اعتماد موكب من السيارات والحراسات لرئيس الحكومة.. وهي بداية مخالفة لعادات وحكومات الفساد السابقة التي كانت تبدأ بقص شريط افتتاح مشروع الفساد بصرف سيارات آخر موديل للوزراء ونوابهم ووكلائهم...وكأنه لا يجوز أن يجلس هؤلاء على كراسي سيارات سابقيهم أو سيارات مر على صنعها أشهر...
لنعد إلى موضوعنا، الوطن اليوم بحاجة إلى الاهتمام بالضرورات والمضامين قبل الشكليات وما كانت تحتاج الحكومة إلى إصدار قرار تغيير يوم الراحة من الخميس إلى السبت لأن هذا ليس بأهمية توفير الخدمات الأساسية التي يحتاج إليها المواطن الذي ينتظر من الحكومة أن توفرها له كالكهرباء التي مازالت لا تزور معظم المحافظات إلا سويعات ودقائق ومشتقات النفط التي ما زالت غائبة وراء عالم الطوابير في المحطات الحكومية والخاصة وكأن المشكلة لا يمكن أن تحل لا في المدى البعيد ولا القريب.
المواطن ينتظر بفارغ الصبر حلحلة هذه المشكلات التي تتعلق ببقائه وحياته واستقراره ومعيشته كتوفير السلع الأساسية ووضع حد لأسعارها التي تتصاعد ولا تتوقف. وأصبح الكثير منها في قائمة المعدوم والمستحيل إذ لم يعد بالإمكان الحصول عليها نتيجة لقلتها أو ارتفاع أسعارها, نسمع الكثير من التهكم لتلك الفئة من الغوغاء التي لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً ولا تفرق بين الحق والباطل والغث والسمين وكأن قرار الحكومة المتعلق بالخميس والسبت كارثة لا تحتمل وفشل للحكومة لا يمكن للوطن تحمله وجريمة في حق الخميس والجمعة والسبت، بينما لا نسمع من هؤلاء يوماً اعتراضهم على الوضع البائس الذي أوصل الوطن إليه ساستهم ورموزهم ولم يتنكر أحدهم يوماً للفساد الذي أكل الأخضر واليابس وأوصل الوطن مرحلة الإملاق والفقر.وأصاب الدولة الهشة بالفشل الذريع على كل المستويات الداخلية والخارجية والاقتصادية والتربوية والصحية والإعلامية والدبلوماسية وإن كنا هنا ننتقد الحكومة على هذا القرار فليس لأنه قرار خاطئ، إذ لا فرق بين الخميس أو السبت طالما ساد النظام المؤسسات والمرافق وبدأ القانون يلزم الجميع بالانضباط والإذعان للوائح والتنظيمات... ولكن ننتقدها حتى لا تتيح مجالاً لهؤلاء الذين لا يجيدون إلا الإشاعة والانتقاد ومحاربة النجاح والبحث عن الفشل لأنه ما كان للفاشل أن يمدح النجاح والناجحين، ولا يمكن أن يشجعهم ويساندهم، ولأنه إن فعل ذلك فإنه يعري نفسه ويكشف مساوئه ويظهر للناس على حقيقته، نتمنى على الحكومة أن تبذل كل جهودها وتسخر كل إمكانياتها لحل المشاكل التي تستدعي سرعة البت ولا تتحمل المزيد من التأخير والمماطلة أو الانشغال بأمور أخرى قد تعد سفاسفاً وسطحيات بجانب الضروريات التي تمس حياة الناس.
ولتدع يوم السبت أو الخميس ليوم آخر في عداد الكماليات والترف. الذي لا يمكن أن نصل إليه بعد أن بلغ الفساد عمق كل المؤسسات ونخرها نخر السوس الخشب ونحن ندرك حجم التحديات أمام الحكومة وثقل التركة التي ورثتها ولهذا ندعو الله لها ونتمنى لها التوفيق... ولتخسأ كل أصوات النشاز التي لا تختلف عن نعيق الغربان التي لا تبشر إلا بالسوء والشؤم والكوارث ولا بارك الله فيها أينما وجدت.
علي الربيعي
ما الفرق بين الخميس والسبت؟ 1765