حزبنا الكبير والأول هو الوطن وحين تكون الثقافة الحزبية الراقية هي ثقافة التنافس الديمقراطي النزيهة والبرامج التي تلبي تطلعات الشعب والعطاء للوطن والاختلاف الراقي الذي لا يصل إلى التصادم.
والفرق بيننا وبين الدول المتقدمة في العمل الديمقراطي هو الوعي في ثقافة العمل الحزبي والانتماء والتصويت الانتخابي وتجريم التزوير الانتخابي لا يوجد لديهم ثقافة الإقصاء أو التعصب الحزبي تجد الشخص يختار هذه المرحلة هذا الحزب حسب برنامجه الانتخابي وإذا لم يحقق له طموحه غير في الفترة القادمة واختار الحزب الآخر.
مشكلتنا في اليمن نظل في تعصبنا الحزبي والحقد الحزبي إلى الممات مهما كان حزبك ايجابي أو سلبي وتظل تكره الحزب الأخر حتى وإن أنجز الكثير من العطاء الوطني وقدم الكوادر التي يفتخر بها الوطن والتضحيات الوطنية العظيمة التي قدمها ونتمنى أن تصل أحزاب وطننا الحبيب إلى غرس ثقافة قيم الدولة المدنية بين منتسبي الأحزاب والمجتمع وثقافة تقبل حرية الرأي والتعبير داخل الأحزاب نفسها وفي المجتمع ولابد لها أن تتغير مع متطلبات العصر الحالي وفسح المجال للشباب والاستفادة من قدراتهم وأفكارهم وإبداعاتهم ولا تقع الأحزاب التي هي من مكونات الثورة في نفس الخطأ الذي وقع فيه حزب المؤتمر والذي أوصله إلى هذه الحالة حين جسد في أعماله وسلوكياته وثقافته العقلية القديمة في إدارة الدولة بطريقة مناطقية وقبلية ومذهبية وأسرية والولاء قبل الكفاءة في التعيين ونشر الفساد وثقافة إقصاء الآخر وتفريخ الأحزاب وكسب شخصيات حزبية واجتماعية بالمال على حساب المواطن وقيم الوطنية ولو كان حقق دولة مدنية حديثة دولة العدالة والقانون لما خرج الشعب وخصوصاً الشباب ضده خرجوا بثورتهم ينشدون دولة مدنية عادلة.
وعلى الأحزاب والقوى التقليدية والحركات والتوجهات الفكرية والمذهبية أن تدرك أن مصير المؤتمر سيأتي يوماً ما عليها إذا لم ينفذوا التزامهم في إقامة دولة مدنية عادلة وفاء لدماء الشهداء وتقوم في التغير في برامجها وموقفها من الآخر وتجسد الهوية الوطنية والقبول بالآخر والخضوع للقانون وأن تجسد ثقافة العمل المدني في السلوكيات والإعلام والتثقيف والتنظيم والتدريس والخطاب والعمل على التخلص من رواسب التخلف الاجتماعي و السلاح والثأر والجهل، لأن الشباب أصبح لديه الوعي الحضاري ومدرك للحقائق وحريص على تطور الوطن ولا يمكن بعد اليوم أن يستكين عن أي جهة أو حزب أو جماعة أو قوى تمارس نفس الأسلوب المتخلف والتقليدي للنظام الذي أدار به اليمن.
إن عدم إدماج كل مكونات المجتمع في الدولة المدنية والنظام والقانون العادل سيكون مخاطره كبيرة على اليمن أخطر مما سبق، لأن السلاح زاد في الانتشار والعصبية المذهبية زاده في الظهور والعداء وتدفق الأموال إلى اليمن والولاءات الخارجية وتحويل اليمن إلى ساحة صراع مذهبي لقوى إقليمية على حساب الدم اليمني.
وأخيراً أقول إن الدولة المدنية الحديثة من ثوابتنا الإسلامية والوطنية دولة العدالة والقانون هي الوحيدة الكفيلة في الرقي باليمن وستخلص وطننا الحبيب من رواسب التخلف الاجتماعي والولاءات الضيقة المذهبية والمناطقية والقبلية والأسرية والسلالية والحزبية وسوف تجسد قيم الولاء الوطني ومستقبل جميل عادل وحضاري مشرق يليق بمكانة اليمن التاريخية العظيمة التي ساهمت في بناء الحضارة العالمية وحضارة الهوية العربية وحملة راية الإسلام إلى الصين شرقاً وفرنسا غرباً.. يمن جديد يكرم شعبه ومجد حضارته في دولته الحديثة المدنية.
خالد الصمدي
الولاء الوطني والوعي الحزبي 2747