(إلى أرواح شهداء مسيرة الحياة)
الحياة والموت ضدان لا يلتقيان، لكنهما هذه المرة وتحديداً في منطقة دار سلم بأمانة العاصمة كانا على موعد واحد.. في هذا المكان الذي تحول من دار سلم إلى دار للخوف والموت كانت الحياة مع مسيرة الحياة الراجلة القادمة من تعز الكرامة وكان الموت أيضاً متواجداً يُوزع على يد قوات الأمن في نفس المكان على المشاركين .
يوم السبت 24/12/2011م لم يكن يوماً عادياً في حياة اليمنيين، ففي هذه اليوم التقى أحرار اليمن على مشارف صنعاء و كانت العاصمة مع موعد آخر للحرية.. مشهد تاريخي لن ينساه التاريخ اليمني وصول مسيرة الحياة الراجلة المنطلقة من تعز الحبيبة والمنظم لها العديد من أحرار القاعدة وإب وذمار ومعبر والبيضاء والضالع وبلاد الروس وبعد أن استقبلت بالحفاوة والترحاب والكرم من قبل أبناء تلك المناطق كان الموت بانتظارها على أبواب صنعاء.
في دار سلم كان الشموخ والعظمة - وما أجمله من شعور- تمثل بسيل عرمرم من البشر يهتف باسم اليمن الواحد ويهتف للحياة.. والوفاء للشهداء .. والمطالبة بمحاكمة القتلة.
لم يروق ذلك المنظر البديع لأعداء الحرية فما كان منهم إلا منعوا مسيرة الحياة والمسيرة المستقبلة لها من التحرك من أماكنها و محاصرتها لساعات و إطلاق الرصاص الحي والغازات السامة ومسيلات الدموع والمياه الملوثة بشكل هستيري على المشاركين.. فر وكر استمر حتى وقت المغرب.. شهداء وجرحى ومصابون بالاختناق نتيجة الغازات السامة، كانت كفيلة بتعميد مسيرة الحياة التي أراد النظام تعميدها بالدم، فكان لهم ما أرادوا.
لكن مسيرة الحياة أثبتت للعالم أجمع بأن اليمنيين قادرون على صناعة مستقبلهم ولا وجود لكلمة المستحيل في قاموس حياتهم فهم من عبروا الفيافي والقفار للبحث عن الحياة الكريمة وعن الحرية، لم يستسلموا ولم يتعبوا وكثبات جبل صبر وجبل سماره كانوا ثابتين، صامدين، رافعين راية الحرية، واصلوا الخطى لتكون مسيرة النصر.. وبجدارة عدوا منطقة الخطر غير مبالين بآلة الموت وسطروا طريق الحرية عبر شوارع صنعاء تستقبلهم الزغاريد والورود والأناشيد حتى وصلوا ساحة التغيير .. مسيرة الحياة زرعت فينا السعادة بعثت فينا الآمل أعادت لنا الكرامة ..حملت نسائم الحياة للوطن والإنسان .. وكانت مسيرة الحياة هي اللحمة الوطنية الحقيقة التي أعادت للثورة وهجها وأحييت روحها في النفوس من جديد ..فهنيئاً لأحرار تعز هذا الشرف ومرحى بالحياة الكريمة لكل الوطن.
ويبقى هدفنا جميعاً هو الأسمى من كل الخلافات، فلن نسمح لأحد أن يخترق صفوفنا ويفرق وحدتنا أياً كان سنبقى بإذن الله أقوياء وسننتصر وسنبني دولتنا المدنية التي تحوي كل الأطياف باختلاف توجهاتهم وسترفرف راية حرية الرأي والتعبير عالياً وسيبقى دين محمد هو من يوحد كلمتنا وليس أشخاص معينون ولا فئة معينة من ستحكمنا بعد اليوم، "الحرية لكل الوطن ..الوفاء لشهداء الثورة ...المحاكمة للقتلة ".
همسة
أراد النظام أن يبيد أبناء تعز فقتل وقصف وخطف وارتكب كل الجرائم ضدهم، فكانت مسيرة الحياة مفاجأة له من أين جاءوا.. كلهم أكدوا مماتهم ؟ لم يعلم بأن كل قطرة دم سقطت روت شجرة الحرية فأينعت رجالاً ونساءً يحملون مشاعل الحياة ليهدوها للوطن عبر مسيرة الحياة فهم إذن "الصاعدون من دمائهم ".
وستبقى تعز تكبر وتعلو وتشمخ وترسم طريق اليمن القادم – يمن الحرية والكرامة والعزة والدولة المدنية والمواطنة المتساوية.
لبنى القدسي
دار سلم ولقاء الحياة والموت 1572