عندما تدلف رجلاك إحدى مؤسسات الدولة وقطاعاتها المختلفة تشد انتباهك مظاهر الفساد المنتشرة بين أزقة وجدران تلك المؤسسات.
فمثلاً في إحدى مطابع الدولة -والتي وجُدت لتقديم خدمات وطنية بأسعار تشجيعية خدمةً للثقافة وتشجيعاً للمثقفين- تجد الفساد واضحاً للعيان، وكلما اقتربت شيئاً فشيئاً تجد نفسك أمام مجموعة من الذئاب البشرية، واللصوص الحرامية.
فإذا كان لديك مطبوع (صحيفة) وأردت طباعته، فإنه يتوجب عليك أن تدفع مبلغاً من المال رشوة للقائمين على المطبعة من (فنيين، وإداريين)، وتتفاوت حجم تلك الرشاوى بحسب طبيعة عمل كل واحد من المرتشيين.
وإذا رفضت دفع تلك الرشوة، فإنك ستواجه عقوبة تأديبية إن لم يتم منعك من الطباعة، وإذا أعطيتهم أقل من المبلغ المحدد، فإنك ستحصل على عمل أقل جودة- ولا غرابة- فكل شيء بحسابه - كما يقول أحد عمال المطبعة .
والغريب من ذلك هو أن الفاسد المرتشي يساومك ويبايعك ويأخذ ويعطي معك في حجم الرشوة المقدمة، وبشكل علني (عيني عينك).
ومن الأنواع الأخرى المنتشرة للفساد المالي في هذه المطبعة هو التلاعب بنسخ الأوراق والإسراف فيها، حيث يتم منح نسخ زائدة مع الكمية الأصلية، فإذا أردت (500) نسخة زائدة فما عليك إلا دفع مبلغ (5000) كرشوة للقائم على المطبعة، وهكذا.
وما يزعجك أكثر هو عنجهية الفاسدين، ووقاحتهم إلى درجة أنهم يجادلونك، ويواجهونك، بل ويضعون الشروط عليك، والأدهى من ذلك أنهم يهددونك ( أعجبك وإلا الباب..)، وإذا أردت التظلم أو تقديم شكوى بذلك إلى الجهات العليا، فأنك تتفاجأ بعدم إعارة شكواك أي اهتمام.
أخيــراً: لا شك أننا جميعاً ندركُ حجم الفساد المستشري في أوساط المؤسسات الحكومية، وحجم التركة الثقيلة الملقاة على عاتق حكومة الوفاق، وخصوصاً الفساد المستشري في المؤسسات الإعلامية، نتيجة لتأصل الفاسدين وتجذرهم العميق منذ قرون طويلة.
إلا أن ما نأمله من وزير الإعلام الأستاذ/ علي العمراني، هو العمل على إزاحة كل الفاسدين من تلك المؤسسات والدوائر ووضع الشخصيات النزيهة والمشهود لها بالأمانة وتحمل المسؤولية كإجراء وقائي على الأقل.