وتبقى الذكريات الجميلة:
كل إنسان في الحياة يسعى دائماً من أجل إثبات ذاته وتحقيق مصالحه الشخصية وهذه هي سنة الحياة، حتى بعض أولئك الذين يقال إنهم يعيشون من أجل الآخرين هم في حقيقة الأمر يفعلون ذلك من أجل تحقيق مصالح ذاتية، إن لم تكن دنيوية، فمصالح أخروية.
وفي رحلتي في الحياة التي بدأت قبل أكثر من ربع قرن من الزمن، تعرفت خلالها على كثير من الناس وعايشت الكثير من الأصدقاء والزملاء، سواء كانوا على مقاعد الدراسة أو في مسيرة الحياة المختلفة، السواد الأعظم من هؤلاء الأصدقاء والزملاء ذهبوا وتركوني ولم يبقى لي منهم سوى الذكريات، لأن كل واحد منهم ذهب ليبحث عن مصالحه في الحياة، لذلك قررت وبعد طول تفكير أن أضع لي شعاراً فيما تبقى لي من حياتي في هذه الدنيا الفانية، تكون بمثابة نبراساً وعنواناً لتعاملي مع الآخرين يقول هذا الشعار (وتبقى الذكريات الجميلة)، بحيث أنني كلما تعرفت على صديق جديد أو زميل -مهما كان- سأحاول جاهداً أن أقضي معه لحظات جميلة وأستفد من تجاربه وقدراته، لأنني على يقين أنه سوف يفارقني وسوف تبقى هذه اللحظات الجميلة كذكرى مثل الريح الطيبة التي تبقى بعد أن يذهب صاحبها.
لا تستـــــــــعجل:
جلست يوماً مع نفسي أقيم حياتي الماضية وتأثيرها على واقع حياتي الحالية، فوجدت أنني قد وقعت في كثير من الأخطاء واتخذت قرارات أثبتت الأيام أنها كانت خاطئة وكان لها تأثير سلبي على حياتي، فبحثت عن الأسباب التي جعلتني أتخذ هذه القرارات وأقع في هذه الأخطاء، فوجدت بعد طول تفكير أن السبب الرئيسي هو التعجل وعدم التأني والتريث، فذكرت حديث الرسول صلى عليه وسلم وهو يخاطب الأحنف بن قيس يقول له: "إن فيك صفتين يحبهم الله ورسوله الحلم والإناء"، فالإناء صفة يحبها الله، لأنها تحميك من الوقوع في الخطاء وتمنعك من اتخاذ قرارات خاطئة تندم عليها في مستقبل حياتك، فكثير ما تسول لنا أنفسنا أن الوقت ضيق وأنه كالسيف إن لم تقطعه سيقطعك، وننسى أن الله تعالى ما جعل يوماً وراء يوم إلا لقضاء الحاجات .
أتذكر يوماً أنني كنت مقدم على شيء، فقال لي أحد أصدقاء لا تستعجل في اتخاذ القرار وفكر وصل صلاة استخارة، فقلت له لم يعد لدى وقت، فاتخذت قراراً أثبتت الأيام أنه كان خاطئاً وكان له أثر سلبي كبير، جعلني أعض على أصابعي من شدة الندم.. لقد سولت لي نفسي الأمارة بالسوء أن الوقت قد فات ولابد من حسم الأمر بسرعة، لكن في حقيقة الأمر لم يكون كذلك، فقد كان لدي متسع كبير من الوقت للتفكير والاستخارة والمشاورة.
T711813181@gmail.com
تيسير السامعى
من تجارب الحياة 1879