تكامل الأجيال لا تصارعها:
إن الشباب يمتلكون الحماس والقوة والأمل والتطلع، ويعانون بالمقابل من نقص في تجربة الحياة، وهو ما يمتلكه الجيل الوطني الأكبر سناً وحياة وتجربة، وبالمزاوجة العادلة بين هذين المكونين تكسب اليمن الصفقة المرجوة لإحداث التغيير المنشود.
إن الشباب يمتلكون الإصرار والصبر ويتحلون بالصمود والشجاعة التي أثارت إعجاب العالم وتقدير المجتمع المحلي والدولي، ولكن صبرهم وصمودهم وإصرارهم يحتاج اتزان العقل وحكمة المجربين، وهو ما يعني ضرورة الالتحام والتكامل بين العين واليد، بين الروح والجسد، بين القوة والحكمة، فاليد تستخدم العين، والعين تنتفع باليد، وبدون تعاونهما والتحامهما لا يتمكن الوطن من قطف الثمار إما لعدم الرؤية إذا غابت العين، أو لعدم القدرة إذا غابت اليد.
إن اليمن اليوم تجاوزت مرحلة تصارع الأجيال التي هي ثقافة استبدادية تقوم على الإقصاء والتملك، إلى مرحلة تكامل الأجيال التي تقوم على روح الفريق، التي يتحلى بها فريق كرة القدم في التكامل الملزم بين المدرب الذي يضع الخطط والاستراتيجيات واللاعبين الذين يسجلون الأهداف في مرمى الخصم لنيل الفوز، وتنسب الأهداف إلى اللاعبين ولكن الجميع يدينون للمدرب، وإذا حدث أي إخفاق فإن المدرب هو أول الضحايا، ولكن ذلك لا يعفي اللاعبين، من تحمل مسؤوليتهم، وإنجاز ما عليهم إنجازه من مهام وواجبات.
إن مفهوم تكامل الأجيال يتيح لليمن التقاط اللحظة التاريخية التي حركت المياه الراكدة في اليمن، والتي صنعت التغيير اليمني الذي أدهش العالم، فالمنتصر هو الوطن.
إن كسر وثن الرمز سواء أكان شخصا أم حزبا أم جماعة، أنجزت لليمن مهمة وطنية كبرى للنهوض من خلال فتح كوة واسعة في جدار التخلف على أمل هدم ذلك الجدار كله، وعلى الأمة أن تسمع لبعضها دون إقصاء أو إلغاء فالوطن اليوم أحوج ما يكون للاستماع والحوار.
لا خوف على الوطن ولا على وحدته ومصالحه:
إن الحوار المفتوح على كل القضايا، والمنفتح على جميع الأطراف يفضي إلى تدعيم الدولة اليمنية الحديثة، ومن هنا فلا خوف على وحدة الوطن ولا قلق على المصالح العليا لليمن، مهما بدت المشكلات مستعصية أو معقدة، فاليمن اليوم بحاجة إلى كل أبنائها، وأبناء اليمن مدعوون اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى البر بالوطن وبذل قصارى الجهد في تحقيق المنجزات.
مداميك بناء اليمن الجديد:
إن مرحلة البناء تحتاج أضعافاً مضاعفة من الجد والجهد والاجتهاد تفوق تلك الجهود في هدم جدران التخلف وموروثات الاستبداد ومن هنا فإن روح الثورة والتغلب على الصعاب يستدعي التأكيد على مداميك بناء اليمن الجديد والمتمثلة في العلم والعمل والأخوة والدافعية الذاتية وتفعيل أدوات الرقابة الاجتماعية على صانع القرار وبحيث تتحقق الشفافية بعيدا عن لغة الظلام التي تقول ناقش مجلس الوزراء القضايا المدرجة جدول أعماله واتخذ إزاءها القرارات المناسبة، فلا تدري ما هي القرارات ولا ما هي القضايا، والتخلص من صيغة صرح مصدر مسؤول ليحل محلها القائل ليحاسب على صدقه أو كذبه، وكذلك الشفافية في سائر الشؤون وعلى جميع المستويات.
الأهداف الكبيرة لا تحقق ذاتها:
إن الحوار الجاد يجب أن يتجه في اليمن الجديد نحو تحقيق الأهداف الكبيرة، فالأهداف الكبيرة لا تحقق ذاتها، ولكنها تحتاج إلى جهود كبيرة ووثابة تسد الفجوة بين الواقع والهدف، وهذا لا يأتي إلا من خلال السعي الدؤوب لتحويل اليمن إلى خلية نحل يشترك الجميع في مسيرة البناء.
إن ثقافة الاستبداد قد ضخمت دور الكلمة حتى حلت محل الفعل برأي بعض المفكرين المعاصرين، وهو ما جعل أمتنا تسمع الحديث الكثير عن منجزات ولا تراها، وتصاب بالصداع من الحديث عن التنمية وهي تعيش النهب والفساد.
القضاء العادل يحل الخصومات:
إن الحوار مع الشباب يجب أن يطال قضية على درجة عالية من الأهمية تتحدد بها أهم مرتكزات النهضة والدولة المدنية الحديثة ألا وهي مسألة سيادة القانون، من هنا فإن كل الخصومات والقضايا يجب أن تحل عن طريق القضاء العادل والنـزيه والمستقل، فهو الطريق الوحيد لسلامة اليمن في حاضره ومستقبله.
إن سيادة القانون هي المظهر الأبرز لدول العالم المتقدم، وتكريس هذه السيادة للقانون واجب كل يمني، فالقانون يحمينا جميعاً، ومن يخترق القانون يخترق سيادة اليمن، فسيادة القانون من سيادة الوطن، والحفاظ عليها من الحفاظ على مصالحه ووحدته.
د. محمد عبدالله الحاوري
عن الثورة وشبابها 2136