ثمة شباب لا تتسع لهم ساحة،أو مدينة،طموحهم أوسع من شارع وخيمة ووقفة احتجاجية،أدوارهم اشرف من كل الأوسمة والألقاب.أحلامهم غير قابلة للتطويق،للاختزال أو الاستنزاف، إنها بحجم بركان،زلزال،ووطن،استجارت بهم ساحة،قبيلة،حزب،ومعسكر،واختارتهم الثورة واختارت مصائرهم؛ فتقدموا إليها،كمنقذ،كطوق نجاة،كلفتهم مهمة حارقة و قاتلة.ولم يهادنوا، ومن حق الأوطان أن تركن إلى شبابها حينما تمتهن وتذل.شباب تتكئ عليه ثورة،تتكئ عليه ساحات وساحات،شباب يستند إليهم وطن.وبعض الشباب يثير حسد الجبال.
إنهم شباب الحرية والتغيير في شارع النضال الجاد،في مسيرة الحياة الطويلة الطموحة. يساريون،اخوانيون، تعزيون، ابيون، ضالعيون، ذماريون. بيضاويون، شماليون نوبيون،جمعتهم أواصر التآخي دائماً،يعلنون،وثبة أخرى،ابعد مما توقع العالم.يستعيدون بها كرامة المواطن المشطور،في طريق واحد،وحّدتهم ومنحتهم القوة على ملاحقة ومطاردة حلمهم في مواجهة القاتل،من يبحث عن حصانة ملاذه الأخير.
إنها مسيرة الحياة في شارع الكفاح من تعز إلى صنعاء،(260)كيلومتراً، يقدمون للعالم بمأثرتهم هذه ـ ما يذكّرنا بالمآثر المجيدة لليمني الأول الجلد في انتفاضاته و وثباته ـ نموذجاً يحتذى، لما ينبغي أن يكون عليه المتخاذلون والمرجفون.
وبمأثرتهم هذه، يقدمون لحكومة الوفاق وقادة المعسكرات وزعماء الأحزاب و أمراء الحرب و سياسيّينا من المهمشين، والمتطلعين،لنجوم الشاشات والفضائيات، علموا الجميع كيف نتغير..دون أن نكتفي فقط بانتظار التغيير.
يصدرون المفهوم الحقيقي لليمن الجديد،للحب للتضحية،للاستقرار،للسلام،للتسامح، وللصحوة الوطنية اليمنية المنشودة،التي تجسدت في مسيرة الحياة،في تلاقيهم والتئام إخوتهم ووحدة مصائرهم،وهم يتعالون على ما قد يلحق بهم،نابذين عنهم كل التخوفات والدعوات المحبطة، طاردين عن أنفسهم كل التسميات والتأطير المختلقة، بعيداً عن الوطن الواحد.عن اليمن الجديد.
هذا يمن جميل،ينقصه بشر حقيقيون يضخون في وجهه دماء الحب والخير والعافية،من نوع مسيرة الحياة،بشر يضحكون له.يبكون من اجله. لا يضحكون ويشمتون عليه.هذا يمن يحتاج لبشر يحملونه على أكتافهم للمستقبل ـ كشباب مسيرة الحياة الفارقة ـ لا يحملهم على أعبائه ليهربوا بأروع وأغلى ما فيه كما يجري الآن من نهب للثروات.
الوطن الذي صار يلعب أبطاله المزيفون في الوقت بدل الضائع، و يتمسك به من لا يملك فيه ثمن رغيف عيش،يقطع فيه المسافات والدروب والسهوب كتعميد للحق بالتملك والحب،ويبيعه من يملك فيه كل شيء، يعشقه شباب الغلابا، ويكرهه الكبار السمان المتخمون.
إنها درس الحياة في مسيرة شباب غاضب على كل ما هو مهدر ومجهض في بلدهم المسلوب: الوقت والكرامة والعقل والحرية والحب والحلم والإنجاز والموهبة.
لقد أصبحت مسيرة الحياة، بمشاركيها الأماجد؛ (شباب وفتيات)مساحة مضيئة للتواصل، مبادرة شبابية شعبية نموذجية ساطعة،لا منحازين إلى مدينة أو قرية أو حزب أو قبيلة أو مذهب.ولا دعاة قتل،وذود،ودفاع عن القائد أو في صفه، لم ولن يكونوا ميليشيات متعصّبة، ولا شذاذ آفاق.
هزت المسيرة الحياة، ايقضت النائمين المتغافلين عن حقهم،لكنها تظل تنتظر صحوة أعمق، تلملم الشمل اليمني المبعثر،بفعل فاعل (النظام)الأول والأخير.تصفي بؤر الأحقاد المتعفنة في جيوب المليشيات الجاهزة فقط لمهمة الليل.ومثل كرة الثلج تكبر آمال اليمنيين مع مسيرة الحياة، ولعل مأثرتها ستكبر أكثر وتتسع لتغطي مساحة البلد كله،لتطفئ حرائق المتربصين،قادة زمرة الكراهية.
وليد البكس
مسيرة الحياة ..... 1890