شعرُت بفرحة غامرة وأنا أقرُأُ أخبار تثلَج الصدر، وتسُعد الخاطر،عن تحركات شباب الـ(11) من فبراير البطولية والتحررية، وعن التصفيات الأولية لرموز الفساد والاستبداد التي تكتظ بهم معظم مرافق الدولة وقطاعاتها المختلفة.
لقد شّد انتباهي ثلاثة أحداث وقعت الأسبوع الماضي أولهما: اعتصام طلاب كلية التجارة بجامعة صنعاء (داخل قاعة المحاضرات)، وذلك بسبب الممارسات الاستفزازية ضد طلاب الكلية، من خلال التلاعب بنتائجهم والمماطلة في تسليمها لهم في الوقت المحدد كما يقولون.
وثاني هذه الأحداث كان لطلاب (كلية الطيران) الذين طالبوا برحيل مدير الكلية السابق، ورفضوا المدير المكلف من قبل(محمد صالح الأحمر) الأخ غير الشقيق لصالح،أما الحدث الثالث فتمثل في الإضراب الذي نفذته نقابات شركة الخطوط الجوية اليمنية والذي نجح في إصدار وزير النقل قراراً قضى بتعليق صلاحيات الكابتن( عبد الخالق القاضي) رئيس مجلس ادراة الجوية اليمنية الذي ظل في منصبه هذا منذُ العام (1998م)،ويأتي الإضراب في ظل اتهامات وجهتها نقابات الشركة إلى القاضي تتمثل بقضايا فساد وعبث بأموال الشركة، وتأجير طائرات إلى دول أخرى، ناهيك عن بيعه لبعضها، على الرغم من الأسطول المتواضع الذي تمتلكه الخطوط الجوية اليمنية والذي لا يتعدى(11) طائرة،تعود حصة المملكة العربية السعودية فيها إلى نسبة(49%)، إلا أن القاضي وبحسب اتهامات عمال النقابات عمل على تدمير الشركة، فجاءت هذه التحركات العمّالية ونجحت في تجميد صلاحياته.
كما ويبقى لمسيرة الحياة الراجلة التي انطلقت من محافظة الإباء والصمود (تعز) إلى مدينة التاريخ والحضارة( صنعاء)، مميزاتها الخاصة بها، ودليلها القاطع على رفض الالتفاف على الثورة من قبل بعض القوى الخارجية، ومحاولة الركب على دماء الشهداء.
· لقد اثبت شباب اليوم بتحركاتهم هذه أنهم العجلة المحركة للتاريخ، والشعلة الموّقدة للثورة، والباعثة للأمل في هذا البلد المغلوب على أمره منذ القدم.
كما وتدل هذه التحركات إلى انتهاء زمن الخوف، ورحيل عهد الوصاية، وِبدأ مشوار العمل الحقيقي، ومجيء وقت المحاسبة، فلن ينجو اليوم أي فاسد من المساءلة والمعاقبة جراء ما اقترفه بحق الوطن والموطن المسكين، طوال تلك السنين.
لقد انتقلت الثورة من ساحات الحرية وميادين التغيير إلى دهاليز الدولة وقطاعاتها المختلفة،إيذاناً ببدء مرحلة العمل الحقيقية، وتدشين خط الثورة المستمر، والرغبة في تحقيق كافة المطالب التي خرج الشعب مطالباً بها منذ ما يزيد عن (10) أشهر، وراح في سبيلها عشرات القتلى والجرحى من النساء والأطفال الأبرياء.