الرأسمال الاجتماعي هو القيمة المضافة على الثروة البشرية الخام من خلال الثقافة والتعليم واكتساب الخبرات والمهارات ونوعية الحياة التي يرتضيها المجتمع لنفسه وشبكة العلاقات التي ينسجها أفراده فيما بينهم، وهذه القيمة المضافة هي بالضرورة قيمة معنوية وليست قيمة مادية كما يوحي اصطلاح رأس المال الذي أطلقه عليها الاقتصاديون وتفسير هذا التناقض أنه قد ثبت للاقتصاديين أن هذه القيمة المعنوية هي العنصر المعنوي الذي يكمل ويتكامل مع العناصر المادية للاقتصاد التي هي رؤوس المال البشري والطبيعي والمادي، فيجعل من هذه الرأسماميل فعالية منتجة للتنمية والتطوير والتقدم الاقتصادي، فتكون هذه القيمة المعنوية بذلك الرأسمال الأهم بين الرساميل الاقتصادية من وجهة نظر اقتصادية بحتة ما ثبت أن التطور الاجتماعي هو المقدمة الأولى للتطور الاقتصادي من وجهة نظر العلوم الاقتصادية والاجتماعية، وعملية التطوير مهما كانت الأعذار المقدمة في هذا الشأن أو المجال الذي يتم تطويره.
العلوم الاجتماعية أثبتت أن الرأسمال الاجتماعي "الوعي الاجتماعي" هو أساس أي تطوير في المجتمع بما فيه التطوير الاقتصادي.
الدراسات الاقتصادية والاجتماعية تلتقي في إثبات أن الدولة – أي دولة- عاجزة عن إنتاج التنمية الاقتصادية رغم توافر الموارد المادية والطبيعية لها إذا لم تمتلك الرأسمال الاجتماعي الذي يفعل هذه الرساميل ويجعلها منتجة للتطوير الاقتصادي، وقد أثبتت التجارب أن الدول المتقدمة الممتلكة للرأس مال الاجتماعي سوف تزداد تقدماً لتنامي هذا الرأسمال، في حين أن الدولة المتخلفة التي لا تسعى لامتلاك الرأسمال الاجتماعي سوف تزداد تخلفاً، لأن قيمة الرأسمال الاجتماعي في تعاظم مستمر بتعاظم اعتماد الاقتصاد المعاصر على المعلوماتية والمعرفة وستزداد الهوة في عالم الغد الذي سيكون بامتياز عالم المعرفة والمعلوماتية، أي عالم رأس المال الاجتماعي.
فالدول النامية إذا لم تلتفت إلى تحديث تشريعاتها الاقتصادية بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية ليس كافياً ولا منتجاً إذا لم يترافق مع تحديث مواكب لتشريعاتها الاجتماعية التي يجب أن تستهدف تفعيل وتنظيم وتطوير المجتمع المدني ورفع جميع العوائق والقيود التي تمنع من إنشاء وتوسيع الشبكات الاجتماعية الرأسية والأفقية بما يسمح لها بممارسة دورها الاجتماعي.
وإذا كان رأس المال البشري يقاس بعدد السكان، فإن رأس المال الاجتماعي يقاس بقدرة هؤلاء السكان على إنتاج علاقات اجتماعية ومدنية تمكنهم من تطوير مجتمعاتهم، لأن الوعي الاجتماعي لا يتحقق ولا ينمو إلا من خلال العلاقات الاجتماعية والمدنية، تحديث التعليم وتنويع برامجه وتوجهاته بحيث يغطي مجالات نظرية وعملية، فنية ومهنية متعددة وذات صلة قوية ومباشرة بواقع الحياة اليومية، الأخذ بالحسبان متطلبات العصر واحتياجات المستقبل.
د.علي الفقيه
الرأسمال الاجتماعي 2022