يظل اسم المرء الشيء الوحيد المقترن به سواء وهو على وجه الأرض أو تحت ثراها، لذا يقبع العمر بأكمله يحافظ على صيت اسمه من الصدأ أو الوقوع...
لذا بات من الطبيعي أن نرى الإسم ويليه إسم الوالد ثم العائلة ومن المألوف أيضاً أن نجد إسم المرء يرتبط بإسم العائلة خاصة بأسماء المشاهير أو غيرهم.. فحين باغتتني عتابات رجل كبير السن واشتدت وطأتها بسؤال: لماذا تمحو من أسمائكم أسماء آبائكم هل انتهت تواريخ الصلاحية لها أم الشهرة تقضي بذلك ففتِح باباً للنقاش معه ومع من كان حولنا، فكانت أسباب انزعاجهم من هذا الروتين هو اعتبارهم له شيئاً من التهميش فيما كان الموضوع لا يتجاوز توسيع دائرة النظر فلجأت إلى توضيح الرؤية له بعدما كان قد عقد حاجبيه وهطلت عتاباته كالمطر.. ثم غادر المكان بإبتسامة عريضة...
في حوار لي مع أحد الزملاء الصحفيين أوردنا بعض الأسباب لإختفاء إسم الأب من أسماء المشاهير أو غيرهم كانت من أبرزها صعوبة كتابة الإسم كاملاً مقترناً بإسم الأب، فربما يكون الإسم طويلاً، إضافةً إلى أهمية وجود إسم العائلة لتجنب تشابه الأسماء وليس بالضرورة أن يكون ذلك تفاخر بالألقاب والأنساب لذا – مثلاً – أن أكتب (أحلام صالح المقالح) أو أكتب (أحلام المقالح) لا يزيد شيئاً ولا يُنقص شيئاً لأن الإنسان ليس بإسمه ولا بنسبه ولكنه بفعله وعمله ولعل التفاخر بالأنساب من أخلاق الجاهلية السيئة جداً وبالضرورة أن تُقتلع من جذورها وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن أنسابكم هذه ليست بسبابٍ على أحد وإنما أنتم أولاد آدم ليس لأحد على أحد فضل إلا بالدين أو عمل صالح) وقال أيضاً عليه أفضل الصلاة والسلام (أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة)..رواه مسلم...
فلا حرج للمرء أن يعرف نسبه ليعرف أرحامه وأقربائه ويصلهم لا لأن يتفاخر بهم..
من جهة أخرى هناك شيء آخر يتعلق بالأسماء وصناعتها يتمثل فيما وجدته على إحدى صفحات الفيس بوك وهو ما دعاني للكتابة هنا حينما استاءت إحدى الأخوات – مع احترامي لها – وثارت بعدما وجدت إحدى كتاباتها على إحدى الصفحات العامة دون ذكر اسمها فجعلها هذا الأمر تسكب أحرفها المحمومة غضباً على من أنزلت الموضوع .. ومع أن الأخت لديها بعضاً من الحق إلا أن لي وجهة نظر مختلفة بعض الشيء عن وجهة نظرها، فوجود موضوع (سياحي) كهذا على صفحات الفيس بوك العامة يعني أن الأهم هي المعلومة وليس الإسم، فوجوده أو عدمه لا يزيد الموضوع شيئاً ولربما ستختلف وجهة نظري إذا كان الموضوع يختص بمنحنى آخر غير السياحة، لذا لا بُد أن ندرك أن الأسماء ما هي إلا ترويسة أفعال وتذييل أقوال لا أكثر.
كما أن أسماء آبائنا لا يُشترط لها الارتباط صورةً بل مضموناً، فالفضل أولاً وأخيراً يعود لوجودهم الفعلي بالمُحيط.
أخيراً- علينا أن نُدرك أننا بالرغم من أننا لم نختار أسماءنا، إلا فإننا من نصنعها ونرفع من شأنها بالدين والأخلاق الكريمة والعلم.
أحلام المقالح
ثورة الأسماء 1919