لعبت القبيلة في اليمن دوراً بارزاً في الحياة السياسية خلال الفترة الماضية، كما ساهمت إلى حدٍ كبير في تخلفه وتأخره عن اللحاق بركب التقدم والتطور،حيث عمل النفوذ القوي للقبيلة في النظام السياسي على إضعاف بنية النظام القائم، والحد من هيبة الدولة، وسيادة القانون، ودور القضاء، نتيجة للأحكام العرفية والقبلية التي غالباً ما تُحل العديد من القضايا والمشاكل من خلالها -لاسيما -قضايا الثأر، والنزاع المسلح، وغيرها من القضايا المختلفة.
لقد حشرت القبيلة نفسها في مفاصل الدولة الحساسة، ومراكز صنع القرار، الأمر الذي أدى إلى انتشار الفوضى، وارتفاع صوت القبيلة فوق صوت الدستور والنظام والقانون.
كذلك من الناحية الاجتماعية والتنموية، فإن للقبلية دوراً سلبياً من خلال تعّمد إبقاء المجتمع المحيط بها، والخاضع تحت سيطرتها على ما هو عليه من حالة العزلة، والانقطاع عن العالم الخارجي، خصوصاً في المناطق الريفية ذات الأغلبية الأميةّ، حيث يلعب الجهل دوراً كبيراً في الانصياع لشيخ القبيلة وحاشيته وزبانيته، فتجد مجتمعاً متخلفاً، وتشاهد بأم عينيك صوراً تعيد إلى ذهنك مشاهد من العصر الحجري.
والقبيلة سلاح ذو حدين يجب التعامل معها بحذر شديد، فمثلما تساهم في تخلف المجتمع وترديه، فأنها تعمل على تقوية الروابط الاجتماعية، وأصرُ الإخاء،و تقريب وجهات النظر بين أبناء المجتمع اليمني الواحد.
كذلك ومما يميز القبيلة، حفاظها على الموروث الشعبي، وتمسكها بالعادات والتقاليد المتوارثة جيلاً بعد جيل.
ومن الأشياء الجميلة في القبيلة أيضاُ- والتي نفتقد إليها نحن( جيل الحداثة) -هو تمسك المجتمع القبلي بصفات العرب القديمة مثل( الكرم،والشهامة، والشجاعة،وطيبة النفس، والوفاء بالعهد والوعد)، ناهيك عن ( الحكمة، والحنكة، والذكاء، والدهاء) وهي صفات قلما نجدها في جيل اليوم المتأثر بحضارات الغرب، والمواكب لعصر الموضة الزائفة.
ختاماً...يبقى للقبيلة في اليمن حضورها الخاص بها والمميز لها، كما وتبقى لها سلطتها المطلقة، وتأثيرها الكبير، ودورها البارز والمؤثر في الحياة المختلفة،إلا أن ما نأمله من النظام الجديد هو أن يعمل على تشريع قوانين وأسس من شأنها تحد من تدخل القبيلة في القرار السياسي، والشروع في تبني برامج وخطط تنموية تهدف إلى بناء (الإنسان) وتنميته، فالقوى البشرية هي (الثروة التي لا تنضب).
كذلك ويتوجب على حكومة الوفاق فتح المجال أمام أبناء اليمن جميعاً للمشاركة في بناء الدولة الجديدة، دون قيد أو فيّتو على أي كان، مع مراعاة ضرورة استيعاب الجميع، واحتواء الجميع بمختلف أطيافهم وفئاتهم، وبحسب الخبرة والمؤهل والرصيد الوطني، بغض النظر عن الولاء الشخصي، والانتماء القبلي والطائفي والعرقي.
موسى العيزقي
يمن بلا قبيلة ... 2293