أخيراً أبصرت حكومة الوفاق الوطني في اليمن، برئاسة السياسي المخضرم الأستاذ/ محمد سالم باسندوة النور، لتدخل البلاد مرحلة انتقالية هي الأصعب والأدق في التاريخ اليمني المعاصر، بسبب حساسية الظرف الذي تمر به البلاد، والمقدمات التي جاءت على أساسها هذه الحكومة.
يبالغ الكثير من اليمنيين في تعاملهم مع هذه الحكومة، سلباً وإيجاباً، فبينما يطالبها البعض باجتراح المعجزات وتحقيق ما لم يتحقق لليمن منذ عقود، ينظر إليها البعض بتشكيك كبير يصل حد الاتهام بالتواطؤ على الثورة.
ينسى البعض وهو يتعامل مع هذه الحكومة أنها حكومة وفاق وطني، وأنها نتيجة لذلك لا يمكن أن تكون حكومة تكنوقراط، أو حكومة خبراء متخصصين.
كما ينسى البعض أو يتناسى أن هذه الحكومة ورثت تركة ثقيلة من الفساد المستفحل في مختلف مفاصل الدولة، ناهيك عن أنها ورثت شبه دولة وورثت مؤسسات مدمرة، وميزانية خاوية، وشعباً مقسماً وأوضاعاً سياسية وأمنية واقتصادية أقل ما يمكن أن توصف به أنها غير سوية.
يحاول البعض أن يحمل الأستاذ/ محمد سالم باسندوة مسؤولية تفوق بمراحل الإمكانيات والموارد المتاحة أمام الرجل وحكومته، بل وذهب البعض من هواة الاصطياد في المياه العكرة، إلى وصف الرجل ومن خلفه المعارضة واللقاء المشترك على وجه الخصوص، بأنهم ليسوا سوى مجرد طلاب سلطة، وهذا غير صحيح على الإطلاق.
فتولي رئاسة حكومة وفاق يمني في ظل هذه الظروف في تقديري الشخصي، هو مغامرة كبيرة وتولي أي منصب في وضع كالذي يعيشه اليمن قد يكون محرقة، وهو بالتأكيد مغرم وليس مغنماً، فقد يقضي على المستقبل السياسي ويشوه تاريخ أياً كان بسهولة ويسر في هكذا مراحل.
لست هنا بصدد الدفاع عن باسندوة ولا عن حكومة الوفاق الوطني، فتاريخ الرجل يشهد له، ولست أطلب في المقابل أن نتساهل في التعامل معه ومع حكومته، كل ما أريده أن نكون عقلانيين في تعاملنا، وأن لا نحمل الرجل وحكومة فوق طاقتهم.
ليس المطلوب من هذه الحكومة في تقديري الشخصي صناعة المعجزات، فذلك ليس بمقدورها ولن يكون بمقدور أي حكومة قادمة خلال الأعوام القليلة القادمة، إنما المطلوب منها أن تضعنا على بداية المسار في الاتجاه الصحيح.
إذا ما تمكنت هذه الحكومة من إعادة تدوير عجلة الإنتاج، وعجلة الاقتصاد، في الاتجاه السليم، فإنها تكون قد أنجزت ما هو مطلوب منها وأكثر.
إذا ما تمكن الأستاذ/ محمد سالم باسندوة، من امتصاص الاحتقان الحاصل داخل قطبي هذه الحكومة، وإدارتهما كفريق واحد، هدفه الأساسي انتشال البلاد مما هي فيه ووضع العربة أمام الحصان، فإنه هذا سيكون إنجازاً باهراً.
مطلوب من هذه الحكومة أن تعمل بجدية وأن تقدم للشباب في مختلف ساحات التغيير، رسالة واحدة مفادها أننا على أعتاب مرحلة جديدة بكل ما تعنيه الكلمة، بدون هذه الرسالة التي ينبغي أن تكون واضحة ومدعمة بشواهد من الواقع، فإنه سيكون من الصعب على اللجنة التي يفترض أن تشكلها الحكومة للتحاور مع الشباب وفقاً للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية إقناع الشباب بمغادرة الساحات والعودة إلى منازلهم.
باختصار شديد اليمن واليمنيون يعولون كثيراً على حكومة باسندوة، في إخراج البلاد مما تعيشه وتهيئة الأجواء لبدء مرحلة جديدة، تطرح فيها مختلف القضايا اليمنية دون استثناء على الطاولة، ويتعامل معها اليمنيون بجدية وبصدق وحرص لوضع الحلول المناسبة لها التي تقي اليمن الانزلاق نحو التشطير والتجزيء والتفتيت مهما كانت المسميات.
× نقلاً عن البيان الإماراتية
علي الزكري
المطلوب من حكومة باسندوة 1784