الفساد ليس وليد نفسه، وإنما يتواجد حيث يتواجد الفاسدون والمفسدون، وهو داءٍ إذا وجد له مكان تفشى وانتشر بكل حرية وطلاقة وبدون خوفٍ ولا خجل، إذا انتشر لا يمكن إيقافه عند أي حد، فيصبح كالسرطان المستعصي استئصاله.
ولا يمكن لأي جهد إصلاحي أن يتم لمتابعته ومحاربته، فكلما وضعت وسيلة لمكافحته ارتفعت وتيرته وازدادت انتشاراً، وعندما يتفشى في دائرة ما تتطور مراحل انتقاله لينتقل من الشخص الذي يكون على رأس هرم تلك المؤسسة أو المنظمة إلى أدنى شخص في تلك الدائرة أو المنظمة، وفي مجتمعنا اليمني توجد أسباب عدة ساعدت على انتشار الفساد وتفشيه منها من وجه نظري(الفقر والبطالة والجهل، والدخل المحدود لمعظم العاملين في معظم الدوائر والمؤسسات المختلفة) حيث تعد الرشوة احد أهم أوجه الدخل لهؤلاء، والسبب هو دخلهم المحدود مقارنة ببعض العاملين في الجهات الأخرى، كما ولشجرة القات وتعاطيها دوراً بارزاً في ذلك، فقد أصبح اعتماد معظم العاملين في تلك الدوائر على الرشوة أو أي وسيلة من وسائل الفساد لسد حاجاته القاتية اليومية
إضافة إلى ما سبق ذكره، فسوء الرقابة و التفتيش وعدم المتابعة الدورية من بعض الأجهزة المعنية بذلك ساعد وبشكل كبير على انتشاره وتفشيه واستعصائه .وللفساد أنواع عدة منها فساد مالي وفساد إداري، وفساد أخلاقي و فساد ثقافي وسياسي، وإداري، تعليمي، فكري وغيره .
إلا أن الأول يعد الأخطر من وجهة نظري الشخصية ولو أن كليهما سواء من حيث الخطورة والانتشار إلا أن المالي أكثر خطورة .ومن الجميل أن نسمع عن إنشاء منظمة لمكافحة الفساد ولكن هذا بحد ذاته لا يكفي، يجب أن يكون هناك دور بارز ومؤمل للبرلمان كذلك تعزيز هذا الدور وتقويته وتمكينه من القيام بعمله، وتذليل كافة الصعاب التي قد تقف أمامه وبالشكل المطلوب، كما وللقوانين والأنظمة مثل قانون الذمة المالية، وقوانين الرقابة والمحاسبة، ومراقبة مصادر صرف وإنفاق المال العام ، دور كبير في ذلك، أيضاً ضرورة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب يقلل من بؤر الفساد . فالبرغم من هذا كله إلا أنه لا يمكننا القضاء على الفساد إلا إذا كان هنالك مرجع يلجأ إليه الجميع مفاده: إنه لا يوجد إنسان يستطيع الفرار من المحاسبة والمعاقبة، ولا يوجد شخص مهما بلغت مكانته الاجتماعية ومهما تقلد من منصب أن يكون في حماية من المتابعة والملاحقة القانونية، حينها نستطيع القول بكل فخر ٍ واعتزاز أن استطعنا القضاء على الفساد والمفسدون والفاسدين والى الأبد .
