لغة السياسة لغة صعبة، معقدة، يصعب على الناس البسطاء أمثالنا أن يفهموها.. هكذا أراد لها أصحابها أن تكون لغة مشفرة لا يستطيع أحد فك رموزها سواهم ربما حتى يدعوا أنهم وحدهم أصحاب الفضل علينا وإن لا سواهم يستطيع حكم البلاد, وبهذه الطريقة يضمنوا بقاءهم مسلطين على رؤوس العباد ما أدى إلى بقاء هذا الاعتقاد راسخ في عقولهم وعقول من حولهم.
وللأسف هناك فعلاً من كان ولازال يؤمن بأن السياسة لا يستطيع ممارستها إلا مجموعة معينة من البشر خلقوا لأجلها وأن الله سبحانه وهبهم إياها وميزهم عن بقية الخلق، لذا لا يجوز لنا أبداً أن نتطاول عليهم ولا يحق لأحد رفع صوته في آذانهم طالباً منهم الرحيل.
لذلك نجد في أغلب الدول العربية أسراً محددة مسيطرة على الحكم ومستأثرة به، لا يخرج عن حدودها ولا يحق لأحد من أفراد الشعب أن يحلم ولو مجرد حلم في وصوله إلى بوابة الملك.
الآن وبعد ثورات الربيع العربي التي أسقطت تلك الأنظمة وحطمت ذلك الاعتقاد وبالتأكيد أنها ستغير ذلك المفهوم الخاطئ، فلابد أيضاً أن يدرك الساسة الجدد الذين أوصلتهم ثورة الشباب وتضحياتهم إلى مقاعد الحكم لابد أن يدركوا أنه لا يمكن لهم أن يستمروا في نفس السياسة وعلى نفس النهج وأن تلك المفاهيم لابد أن تتغير لتصبح لغتهم السياسية واضحة وسهلة الفهم على كل الناس باختلاف لهجاتهم ومستوياتهم الثقافية.
السياسة، من وجهة نظري كمواطنة بسيطة يكمن سرها في بضع كلمات بسيطة هي باختصار العدل, والرحمة, والصدق، هذه هي سياسة الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم معلمنا وقدوتنا وهي أيضاً سياسة أعدل الخلق بعد رسول الله وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه وكل من جاء بعده من الخلفاء.
أولسنا مسلمين؟!، إذن علينا العودة إلى أصول ديننا الحنيف وشريعته السمحة السوية التي ارتضاها لنا رب العالمين، فماذا عليكم لو جربتم ذلك وبدأتم بتعلم سياسة نظيفة وجديدة، أو بالأصح سياسة قديمة من منابعها الصحيحة .
ستجدون أنفسكم حينها تمشون في الشوارع آمنين مطمئنين، لا تحتاجون لكل تلك الأسلحة وكل أولئك الحراس.. وحينها فقط ستضمنون بقاءكم في الحكم طويلاً برغبة الشعوب ورضاها، لأن الناس لا يطمعون بأكثر من وجود حاكم عادل، عالم بشرع الله، مطبقاً له .
