تعز مات فيها الحلم أو يكاد، وانتفض فيها روح الثورة مع نزيف الدم تسّرب الغناء وخيمّ في أحياءها الفناء، أين ستسقط تلك القذيفة وأين تستقر تلك الطلقة؟، وفي الصباح تنطلق النعوش وسط زغاريدهن، مواكب النعوش ما انفكت ترسلها تعز مساء صباح وفي نشرات المساء يرتفع العلم ويذوي صوت النشيد الوطني وتظل قبورك تعز خضراء نادية.. صعدت الوفود إلى الرياض وعادت، تشكلت الحكومة وقدم الأحزاب مرشحيهم وتنحى الرئيس وقدمت المبادرات كل هذا ومازال الموت يحصد أرواح المدنيين، قتل هاني ذات صباح وقتلت عزيزة وأسماء وقبل أذان الظهيرة و..و..ومازال الموت يعربد في جبالها والأزقة وفي البيوت، تعز بلاد مازالت مطابخها تنفث الدخان منذُ الفجر حتى يأكل الصغار ريثما تجف الدماء ويسكن الخوف وتهجع المدافع، تعز بلاد مازال القمر يصبغ سطوحها بلونه الفضي ومازالت الرياح تداعب ملابس غسيلها المنشور منذُ الضحى ، تعز بلاد لا تشبهها بلاد في غيظها المكتوم وبكائها المحموم، تعز في سويداء القلب وليست بلاداً في واق الواق.
وحين تسقط حبات المطر على زجاج نوافذها وترسم جداول صغيرة كأنها الدماء تبتسم الجروح بلا ألم، لا شيء سوى الحزن على مقامات كانت تدعى "رجال" و"قادة"و "زعماء" صار الصغار كباراَ وتقدموا المشهد فانكشفت معادن من كنا نظنهم زعماء.
ورود الحرية سقياها الدماء، ستورق في مفاصل الصخور وفي زوايا القبور، واللون الأحمر مازال يتمدد ويطغى على كل الألوان، ومازالت مواسم العزاء تنعقد في أرجاء المدينة.
تعز تدفع اليوم ثمن موقفها وهكذا عودتنا حين تندلع الثورة في اليمن قسطها أكبر وحين يعم السلام تنكفئ على ذاتها بهدوء، هانئة في بستان المحبة بوطن تنشر فيه الأغنيات مع كل صباح.
وفي الأخير كيف هو مساؤك اليوم يا تعز الجميلة؟!.. لا تحزني إن لم نستطع زيارتك اليوم، إنهم على الطرقات يطلقون نيران الحقد كما نراها في شاشات نشرة المساء.. عفوك تعز.. عفوك أيتها الحالمة ..عفوك .
