أصدقكم أن الحديث عن يمن موحد وديمقراطي أشبه بطلاسم المشعوذين والدجالين، فمن ذا الساحر القادر على طرد الجن والوساوس من رأس مجنون سياسي وفي جلسة زار؟؟.. نحن كذلك حين نتكلم كثيراً عن اليمن الموحد أو المجزأ وفي مجتمع جله يعاني من التوحد والتجزئة، ففي مثل هذه الحالة البائسة نجد أنفسنا كمن يمارس الدجل والشعوذة تارة بتمتمات وتراتيل من الكتاب المقدس وتارة أخرى بالصراخ والضرب للضحية بدلاً من فاعل السحر.
ما جدوى الكلام عن الوحدة في الجنوب ؟ وما قيمة الخوف من التجزئة في الشمال ؟ في الحالتين الخاسر الأكبر هو الشعب اليمني الذي يرزح تحت لوطأة المعاناة الناتجة عن خلل أو قولوا "مرض مزمن" أصاب عقله وفكره في لحظة تاريخية،فمن حينها واليمن على هذه الوضعية التي لا ينفع معها طلاسم الدجل والسحر وإنما علاجها في وصفات الحكماء المختصين في الإدارة والسياسة والنظام والحقوق والحريات وووإلخ.
اليمن الذي ننشده لم ولن يصلح في عهد الرئيس الصالح أو غيره من الضباط والمشائخ والتجار المنافحين عن مصالحهم الضيقة، فما نتوق له مازال حلماً وطموحاً لن يتحقق بقيادات مثل هذه التي تستأثر بكل مقدرات الدولة من قوة ومال ووسيلة وقدرة، فهؤلاء جميعهم ليس بمقدورهم مغادرة ذلكم الماضي المثقل بصنوف الاستبداد والخوف والمثخن بالتآمر والنفي للآخر والتأزم.
ما نرجوه لنا وللأجيال القادمة لن يتحقق بوحدة أصابها السقم والعقم في الرأس، كما أنه لن يأتي بتجزئة الناس والجغرافيا، الحل باعتقادي يكمن بوحدة سياسية قابلة للحياة والنمو والتطور، الحل في استئصال الوجع كلياً من الرأس ومن ثم يكون العلاج للبدن عافية ونجاة من الموت، ربما في الفيدرالية وربما في غيرها من الحلول التي من شأنها نهضة وازدهار ورخاء شعب اليمن، فاليمنيون لطالما عرفوا التمزق ومازالوا حتى اللحظة بمسيس الحاجة لمن يرشدهم ويجمعهم ويوحدهم لغاية عظيمة لا العكس ليدلهم ويمزقهم إلى كانتونات ومسميات كثيرة.
المهم لنا هو ما قاله شاعر تشيلي بابلونيرودا نحو وطنه ذات حقبة: لا أريد وطناً مقسماً، ولا مطعوناً بسبع سكاكين، علينا أن لا نسد الباب في وجه الساخط، وليحمل كل إنسان في روحه،أفضل ما في علمه وفي عصره.
.مارس 2010م صحيفة الحرة
محمد علي محسن
لا نريد وطنا مقسَّماً أو مطعوناً 2447