الهجرة والمهاجرون والمهجرون والمشردون مصطلحات بعيدة في معناها وأهدافها عما نحتفل به بداية كل عام هجري جديد.. إلا في بعضها.. الشعوب تهاجر وأكثرها هجرات شعوب منطقتنا بسبب الاستبداد والفساد. يهاجر المستضعفون وهم السواد الأعظم من أبناء الشعوب لأن على رؤوس الشعوب من لا يقل عن أبي جهل وأبي لهب وأمية بن خلف صلفاً وعناداً وقسوةً... فمنهم من هاجر فراراً بدينه وخوفاً على نفسه بعد أن أصبح ارتياده للمسجد جريمة لا تغتفر رغم أن أبي جهل في بلده يطلقون عليه اسم الخليفة أو أمير المؤمنين أو ولي الأمر الذي لا يجوز الخروج عليه حتى بلوغه الكفر البواح.. ومنهم من هاجر بحثاً عن رزقه ورزق من يعول بعد أن تصرف الولاة في أرزاق العباد وأقواتهم بسفاهة المبذرين وادخار غلاة البخلاء في تجميع الأرصدة وما أنفقوه على الحواشي والشلل وبائعي الذمم من حولهم حتى يطيلون لهم التصفيق والتمجيد والتهليل والمديح.. ومنهم من هجر وشتت وشرد في حروب تشبه ما قبل أبو جهل كحروب داحس والغبراء في صعده وزنجبار وصنعاء وتعز..
الهجرة الإجبارية والاختيارية كليهما إنتاج لنفس المصدر في اليمن السعيد، الهجرة الإجبارية والنزوح القسري بسبب حرب السياسة ومخيمات الشتات التي لا يمكن أن تكون أحسن حالاً من مخيمات لاجئي الصومال ولا أقلها سوءاً لأن طابور الفساد وراءها يأبى عدم مفارقتها لأنها إحدى استثماراته، والهجرة الاختيارية التي ليست اختيارية بالمعنى الصحيح وإنما تشبه الاختيارية كون صاحبها يستطيع فقط تحديد وقت الهجرة وإلا فإنها إجبارية لأن صاحبها مجبراً على الهجرة بعد أصبحت حياته تشبه المستحيل في وطن لا يجد فيه مصدر رزق بفعل طابور الفساد الذي استحوذ على كل شيء من التاكسي إلى المخبز إلى المعمل ومن بيع الجملة إلى التجزئة.. فيهاجر وقد لا يكون حاله أحسن من إخوانه المهجرين في مخيمات الشتات، خصوصاً عندما يطارد على الحدود ويتعرض لكل أصناف العناء والبلاء والذل والمهانة....في العام الهجري الجديد قد يكون هنالك تبدل في الهجرة أو تبادل بين ممثلي أبو جهل وأبو لهب وبين من يمثل صهيب وخباب وبلال وعمار وهم عامة الشعب..ففي مفاجأة الثورة هاجر الخوف من قلوب وعقول الشعوب وهاجر الناس ثائرين من البيوت والسجون إلى الساحات، معلنين أنه آن الأوان ليبدأ أصحاب النظام في رحلة هجرتهم وتهجيرهم وآن لهم أن يهجروا أو يهجروا من القصور العاجية والأسوار والقلاع المحصنة إما إلى أسوار السجون أو خلف أسوار الحدود أو في سراديب القبور...تطاردهم لعنات شعوب أذلوها ونهبوا أموالها وثرواتها...هجرت الشعوب الاستكانة والاستسلام للاستبداد...وهي في طريقها تعد العدة لتهجير النفاق والمنافقين وتجهز نفسها لترحيل الفساد والمفسدين تباعاً ومعهم الجهل والأمية والتخلف التي كانت تشكل أعمدة بقائهم وركائز قوتهم...الهجرة في العام الهجري الجديد هجرة اللاعودة للفساد والاستبداد والتوريث والطغيان واللصوصية للمال العام....وكل عام والجميع بخير.