;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

الثورة الشبابية السلمية سفينة النجاة لليمن 2577

2011-11-24 04:36:51


إن الثورة هي سفينة النجاة للواقع اليمني، فقد أوجدها الله تعالى لإنقاذ اليمن من المحن التي تراكمت عليها ظلمات من السلطة بعضها فوق بعض، ظلمات السياسة التي صدرت اليمن بوصفه بلد الإرهاب ومأوى القاعدة، فلم يكن لليمن سفينة نجاة من هذا العار إلا ضوء النهار الذي مثلته الثورة السلمية، فأظهرت اليمن سلمياً وحضارياً لا مكان للإرهاب فيه، ولا مجال للقاعدة في اليمن أرضاً وإنساناً، وجاءت الثورة سفينة نجاة من الاستبداد السياسي الذي مارسه النظام ثلاثاً وثلاثين سنة، فجاء قدر الله العدل بالثورة السلمية لتقول للطغيان توقف، فقد انتهى الدرس يا غبي، ولم يعد للطغيان مكان في اليمن الجديد، وتحولت اليمن من زمن الديكتاتور إلى زمن الشعب، فانقشعت ظلمات السلطة السياسة المستبدة.
إن الله عز وجل برحمته يجعل بعد العسر يسراً، وحين تبلغ الشدة منتهاها، ويخال الظالم أن الأمر أصبح كله منه وإليه، فيرى نفسه إلها لا يستمع نصحاً، ولا يسمع إلا نفسه، ولا يرى إلا ذاته، فيحتقر الشعب، ويتطلع للتمديد، ويجتهد في التوريث، ويغرس الشقاء في اليمن، فأصبح اليمن السعيد غير سعيد بعد غلاء الأسعار، وتفشي الرشوة والفساد الإداري والمالي، وأعطى نفسه وعائلته الامتيازات، يعطي من يشاء ويحرم من يشاء، فخلق الله جيلاً لا يعرف الخوف، ولا يؤمن بالمستحيل، ولا يقبل الظلم، ولا يخضع للاضطهاد، فانبثق الفجر، من رحم المعاناة يولد اليمن الجديد شاباً في الساحات والميادين.
إن الثورة السلمية هي سفينة النجاة لليمن من ظلمات السلطة في المجال الاقتصادي الذي تولى اليمن والدولار بأربعة ريالاً واليوم يتجاوز المائتين، مما جعل اليمن تعاني من ضائقة كبرى بسبب التخبطات التي يعيشها الاقتصاد اليمني في ظل هذه القيادة الجاهلة الأمية البائسة، فزادت معاناة المواطن اليمني، والذي أحرقه غلاء الأسعار، وسحقته البطالة وشحة مصادر الرزق، فأصبحت حياة اليمني بين مطرقة غلاء الأسعار وسندان البطالة، وهكذا استوطن الفقر أرض السعيدة يعبث بكل شيء في حياة اليمن، وغول البطالة يلتهم أعمار الشباب، ويحرم اليمن وأبنائه من الحياة الكريمة، وبسبب المعاناة الاقتصادية أصبح اليمنيون يرحلون من الجارة السعودية بطريقة مهينة وغير لائقة، فأراد الله الحق سبحانه أن يزهق باطل صالح بالحق الذي تحمله الثورة، فهي سفينة النجاة التي ستسترد ما نهبه النظام لتعود الابتسامة إلى أوجه اليمانيين.
إن الظلم الذي جثم فوق صدر اليمن منذ ثلاثة وثلاثين عاماً قد سرقت المال من البنوك والعدل من المحاكم، فأصبح القضاء اليمني عاجزاً عن تحقيق العدل وكيف يستطيع تحقيق العدل وهو مكبل بما يمارسه النظام الفاسد من تدخلات في شئون القضاء، إلى الحد الذي جعل القضاء قاصراً عن أداء واجباته الشرعية، وتفشت مظاهر الفساد والرشوة بصورة لم تحدث من قبل، فجاءت هذه الثورة المباركة لتقول لليمن هيا نتعاون لتحقيق العدل في اليمن، فالثورة هي نصرة للمظلوم، ولأجل العدل خرجت هذه الملايين في ساحات اليمن وميادينه بطول اليمن وعرضه.
إن نظام صالح البائد اعتدى على التعليم فتحول التعليم إلى مأساة مكتملة الأركان، وأضاع الصحة حتى لم يستطع أن يوجد لنفسه غرفة يتعالج رئيس النظام فيها بعد حكم دام ثلاث وثلاثين عاماً، ودمر منظومة القيم فقتل النساء والأطفال والمعاقين، لقد أصيبت اليمن ببلاء عظيم لم يرفعه الله عز وجل إلا بهذه الثورة حين خرجت الملايين تناصر الشباب الحر، وتعلن ولاءها الصادق لليمن الجديد؛ لأنها رأت أن هذه الثورة السلمية هي فرج الله؛ لإنقاذ الشعب الصابر المصابر، شعب السلام من هذا الليل الذي طال ليله، وظلمه.
إن الثورة الشبابية الشعبية السلمية هي قدر الله الذي أظهرته العدالة الإلهية لإزهاق باطل النظام البائس الذي استطار فامتدت في كل جوانب الحياة، فاستلب اليمن كل جميل فيه، فجاءت الثورة بسلميتها سفينة نجاة لليمن من الظالم الطاغي الباغي القاتل، قاتل النساء والأطفال، والشباب السلمي في ربيع العمر.
إن هذه الثورة السلمية المباركة تمثل رحمة الله لهذه البلدة الطيبة لكي تتحر من الاستبداد، وتتجاوز المعاناة الاقتصادية، ويسترد القضاء عافيته واستقلاليته وهيبته، فينتصف المظلوم من ظالمه، ويرجع الحق إلى أهله، ويتم تحرير القضاء اليمني من التوجيهات التي خنقت العدل في يمن الإيمان.
إن احتياج اليمن إلى الثورة الشبابية الشعبية السلمية حاجة بقاء، مثلما أن مصلحة الغريق في الهواء لبقاء حياته، فكذلك حاجة اليمن لهذه الثورة السلمية، بعد أن غرقت اليمن في دوامة من الأزمات تتبعها أزمات، فلا يوجد بلد من بلدان العالم يقول النظام فيه: إنه يواجه التحدي بالتحدي في المدن في المديريات في الطرقات، فالأنظمة في العالم كله تسعى لخدمة الشعب وليس إلى تحديه، إن الخطيئة الكبرى لهذا النظام ـ وكله خطايا أصلاًـ أنه يتصور أن صناعة الموت للشعب ستصنع له الحياة في الحكم، وهو ما يخالف العقل فمن يقتل يخرج نفسه من دائرة الشرعية إلى الدائرة الجنائية.
إن السلطة ولغت في الدم اليمني، وسلطت بلاطجتها وجيشها العائلي لقتل الناس، والسلطان أي سلطان مثل الأسد لا يأكل لحم الإنسان، ولكنه إذا أكله استحلاه، واعتدى عليه، وصار يتربص بالإنسان، وعليه فإن مصلحة الثورة هي مصلحة اليمن، ومصلحة اليمن تتجسد تجسداً تاماً في الثورة، فمصلحة اليمن اليوم مرتبطة بالثورة ارتباط وجود، فهذه الثورة عمدت حبها لليمن بالدم الغالي، وأكدت ولاءها لليمن بالصبر والسلمية وعدم الانزلاق للعنف، برغم إفراط النظام في استخدام القوة، والتوغل في القتل، مما يوجب على كل مستطيع نصرة الثورة أن يقوم بذلك، لتحقيق الأهداف التي قامت الثورة من أجلها، والمتمثلة في إقامة العدل بين الناس، والرحمة تعم الخلق جميعاً، ومساواة بين المواطنين، وحرية في التغيير والتعبير فليس الحرية تعبيراً عن الرأي فقط، بل هي تغيير الظلم إلى العدل، وإقامة العدالة التي تنصف المظلوم من ظالمه، وتقتص من القاتل الذي اعتدى وسفك الدم.
إن المواطن اليمني يحتاج إلى سلطة وطنية تحميه لا إلى سلطة تقتله، وتتحدى الصدور العارية بالرصاص الحي، وإلى جيش وطني حر يدافع عنه إلى جيش عائلي يعتدي عليه، وإلى مسؤولين يسعون في مصلحته ومنفعته لا إلى مسؤولين يتكبرون عليه ويستعبدونه، فإذا قال لهم: كفى قتلاً لتعز وتنكيلاً بأرحب وظلماً لأبين وعدواناً على عدن واعتداءات على صنعاء، صبوا عليه أنواع البلاء، بالطائرات التي من أموال الشعب تهدم بيوت المواطنين وتزهق أرواحهم، ومن هنا فإن الثورة هي سفينة النجاة لليمن من براثين هذا النظام البائس، فمصلحة المواطن والوطن كلها مرتبطة بالثورة السلمية، وزوال هذا النظام الفاسد.
إن الثورة هي سفينة النجاة، لأن الثورة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، بل هي من المعروف الأكبر، ونهي عن المنكر الأكبر الذي تمارسه الدولة بعدم تحكيم شرع الله عز وجل، والنظام اليوم لم يترك منكراً إلا وأخذ منه بالنصيب الأكبر، فهو يكذب من أوله إلى آخره، والكذب منكر عظيم، بل هو أساس للمنكرات الأخرى بصورة أو بأخرى، وافتراء الكذب منكر عظيم، قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ } (105) سورة النحل، وهذا النظام يقتل النفس المحرمة، والقتل جرم عظيم، قال الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء، وهذا النظام البائس بدد الأموال العامة على البلاطجة والمرتزقة المأجورين وحرم الجيش الحر والموظفين وأبناء اليمن الشرفاء، بعد أن وزع المال العام على رخيصي الذمم، فيمنع مال الله عما يجب وينفقه على من لا يستحقه وهذا هو الإسراف بعينه، قال الله عز وجل: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ} (151) سورة الشعراء.، وجعل المبذرون إخوان الشياطين، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (27) سورة الإسراء، فالثورة هي سفينة النجاة من كل البلاء الذي عانت منه بلادنا طويلاً، فهيا إلى الاعتصام والمسيرة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد