هو الرجل الذي تردّد اسمه كثيراً في الآونة الأخيرة في جميع وسائل الإعلام المتابعة للشأن اليمني، حتى صار صاحبُه جزءاً أصيلاً من مكونات المشهد المستعصي على الحل، بعد أن تزايدت مخاطر انزلاقه إلى مستنقع العسكرة، في أعقاب المشاهد الدامية التي وقعت في عدد من المدن اليمنية الثائرة، وسقط خلالها العديد من اليمنيين المعتصمين بحِلمِهِم وحكمتهم اليمانية وبالخيار السلمي وسيلةً لإسقاط النظام، رغم امتلاكهم لكل أدوات ومبررات العسكرة التي يتوسّلها النظام ذريعةً لاجتياز أزمته.
فقد طالب المبعوث الأممي/ جمال بن عمر، مجلس الأمن الدولي، إرجاء الاجتماع الذي كان مقرراً عقدُه الاثنين، للبحث في تقريره الخاص بالأزمة اليمنية، إلى الثامن والعشرين من الشهر الجاري، ليكون قادراً على تقديم تقرير يحيطُ بجميع تعقيدات المشهد المفتوح على كلّ الاحتمالات.
وكان جمال بن عمر وصل صنعاء قادماً من نيويورك الأسبوع الماضي، للبحث مع أطراف الأزمة هناك، عن مخارجَ تُجنّب البلاد المزيد من الدماء التي تنزف منذ ثمانية أشهر، دون أن تلوح في الأفق أيةُ بارقة أمل لحلّ جدّي يحقن دماء اليمنيين، ويطلقُ سراحهم من استبداد مقيم في البلاد كأنه "من ذي يزن" .
وأعرب جمال بن عمر عن أمله، في أن تنجح جهوده في إحداث اختراق يُمكّن جميع الأطراف من البدء بخطوات عملية لبلسمة الجراح، ووضع اليمن على مدارج السعادة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والتداول السلمي للسلطة .
وهكذا أصبح اسم الدبلوماسي العربي الأممي الشاب حاضراً بكثافة في مقدمة الخبر، ومتنه، وخاتمته لدى جميع وكالات الأنباء المتتبعة لمهمته الصعبة، ما أثار لدى المراقبين الكثير من الفضول لمعرفة هوية هذا الدبلوماسي الغارق في أزمة تبدو عصيّة على الحل.
ينحدر جمال بن عمر من مدينة تطوان المغربية، التي تعرّض فيها للاعتقال السياسي، قبل أن يغادرها إلى لندن التي عمل فيها بمؤسسة "أمنستي إنترناشونال" لحقوق الإنسان، قبل أن يلتحق بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، فالمفوضية السياسية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة حتى بات يوصف بـ"السلطة الرابعة الصامتة"، تعبيراً عن المكانة الرفيعة التي تبوأها الرجل في الهيئة الدولية.
ولعل أكثر ما يلفت الانتباه في المشهدين السوري واليمني، أنه بينما تُلقي لجنة المتابعة العربية بكامل ثقلها في تداعيات واستعصاءات الأزمة السورية على أهمية ذلك، فإنها تنأي بنفسها حدّ الإهمال عن استعصاءات نظيرتها اليمنية، رغم فشل المبادرة الخليجية في فك تلك الاستعصاءات، تاركة الساحة اليمنية للأمم المتحدة، التي يبدو أنها تبذل جهداً في إدارة الأزمة فيها أكثر من محاولتها إيجاد حل لها، ما يجعلها مفتوحة على المزيد من التعقيدات، في ضوء تلميحات الرئيس اليمني عن نيته نقل السلطة للحرس الجمهوري الذي يتولى قيادته ابنُه.
وبينما تستعدّ لجنة المتابعة العربية لعقد اجتماع لها يوم الخميس القادم، للبحث في مآلات الأزمة السورية بعد ردها بالرفض على الملاحظات والتعديلات السورية على مبادرتها المثيرة للجدل بين مكونات الأزمة السورية نظاماً ومعارضة، فان الأمل يظلّ معقوداً على إمكانية التوصل لحل عربي، يحقن دماء الشعب السوري العظيم، عبر استجابة النظام لإصلاحات بنيويّة جذرية وعاجلة بالتعاون مع المعارضة المقيمة في البلاد، تُتفضي لوقف فوري لعمليات القتل اليومي، وتلبّي مطالب الثائرين المتطلعين للحرية، وتجنّب البلاد سيناريوهات التدويل المرعبة، في ذلك البلد المستهدف بموقعه الاستراتيجي، وموقفه العربي والقومي.
× نقلاً عن وكالة (معا) الإخبارية