أين جاء بن عمر؟.. نورك سرج نور الكهرباء ولو لساعتين في اليوم ما أن يسمع المواطنون اليمنيون باتجاه بن عمر إلى اليمن إلا ويتفاءلون مرددين عبارات ـ نورك رجع نور الكهرباءـ ولو لساعتين أو ثلاث في اليوم.. هكذا أضحى بن عمر نذير خير عند عرب اليمن.
وصارت مغادرة بن عمر نذير شؤم عندهم (عندنا)، فما أن يسمع الناس باتجاهه إلى المطار للمغادرة، إلا وتبدأ حركة عامة واستنفار, وطوارئ في كل منزل بتجهيز الفوانيس والشموع.. وتتحول اليمن كلها إلى ما يشبه كنيسة قديسين، لاسيما هذه الفترة، فالشموع هي مصابيح الإنارة, والبخور لمن وجد معه واستطاع إليه سبيلاً هو مصدر التدفئة.
وليس كذلك في الكهرباء فحسب.. بل في كل الممارسات قمع وقتل المتظاهرين وإن سبقت أيام قدومه أيام عيد ومجازر متتالية في تعز صدمت كل اليمنيين وعكرت صفو حياتهم..غير أن الحاكم ربما استغل وصوله بالغدراء (الظلام ) وبُعد تعز عن صنعاء مكان وصوله لضربها ـ لتكن أولى أيام وصوله مشهودة- هكذا يفسر اليمنيون قتل النظام لتعز في أول أيام عودته الأخيرة لليمن، لأن الرجل ارتبط ذهابه وعودته في أذهان العامة بسرج وطفي عند الحاكم, غير أن تكرار مجازر تعز طوال العيد وحتى اليوم وكذا أرحب وغيرها.. تدفع بالجميع للتساؤل لماذا لم يستح صالح من بن عمر هذه المرة؟.. أقل شي يخفف.. مثلما يعمل بالكهرباء سرج ولو ساعتين..؟ أم أن النظام فكر كطبيعته التقليدية أن ـ الخبيرـ جاء يقضي إجازة العيد في اليمن؟ وبنفس أسلوبنا عيد أيامه ثلاثة, وسبلته خمسة عشر يوماً؟، وأثناء كل هذه الفترة ستكون أوقاته منشغلة بزيارة الأقارب والأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء, والمعاودة ـ رعى الله أيام زمان ـ ولن ينشغل بما يفعله ويمارسه النظام من قتل وتدمير و..إلخ، ولن يتابع حتى قنوات فضائية أو صحف؛ لأنه لا يريد وجع رأس يعكر صفو إجازته ووقت راحته؟، أو أن الاحترام لمرة فقط, وبعدها من رفس سيرة جية.. يقع له مثلما وقع للزياني وخبرته في السفارة الإماراتية؟.
المهم.. يا أبن عمر..يا منعاه.. ترجع عندنا وحياكم الله ـ وأكيد با ترجع؛ لأنه لم ينفذ شيء عملي حتى الآن من قرار مجلس الأمن - ضيوف معززين مكرمين - وحتى نبصر الكهرباء ولو ساعة باليوم.. ما بهمنا هو تعبئة التلفونات ونشغل حاسوب أو تلفزيون أو ثلاجة أو غسالة أو.. بكم نطمئن على صحة هذه الأجهزة عند من وجدت لديه جميعها أو بعضها ونبصر عاد هي بخير أو ماتت ويا بخت الصين.
خواطر:
وأنا بصدد كتابة هذا الموضوع خطر ببالي ذلك المثل الشعبي في إحدى المناطق الريفية القائل: (لا مانع لعُمر من نزع زرعه)، هذا المثل الواقعي البالغ من العمر مائة عام, ومصدره أن رجلاً يدعى عمر - أحد رعايا المنطقة- رغم كثرة الأرض التي يزرعها ويكد فيها طوال العام إلى أن يحين بدء ثمارها.. تتوافد عليها القرود من كل مكان وتتحين الأوقات والفرص.. لتقضي كل يوم على جزء من ثمر الأرض المزروعة قبل نضوجه, وضع أربك المزارع عُمر وأشعره بخيبة الأمل الذي أوصله إلى قناعة بأن يقتلع جميع تلك المزارع ويستفيد من أعلافها للأبقار والمواشي خير من عبث القرود بها وإهدار وقت وجهد إضافي في حراستها وإصلاحها.. ورغم تولد القرار لديه، لكنه لم يقتنع حتى ذهب إلى شيخ منطقته ليس ليخبره بقراره، بل ومصر على الحصول على توجيه خطي من الشيخ يعطيه الحق في ذلك القرار, فأضحى توجيه الشيخ لعمر مثلاً متداولاً في المنطقة كلها ومناطق مجاورة.. فعمر وإن توجه إلى الشيخ وأصر على توجيه خطي يعطيه الحق في قراره بأن دفع الشيخ للتوجيه الخطي (لا مانع لعُمر من نزع زرعه) - كان ذلك عفوياً أو بقصد- غير أنه بذلك المثل الواقعي علم عمر, وأولاده, وكل أبناء المنطقة أن كل واحد منهم حر فيما يقرره في ملكه وحقه الخاص, ولا يحتاج لموافقة, وقناعات شيخ العزلة، وأضحى مضرباً لكل من يقرر أمراً ويتردد في تنفيذه.. لكن هل تتعلم المعارضة وشباب الثورة من هذا المثل كما تعلم عُمر وأبناء منطقته؟.