قبل أن نُبدي استياءنا لطول هذه الثورة التي لم تبلغ عاماً، أليس علينا أن نحسب طول الوقت الذي هدرناه بالبكاء على وطن يسير إلى الوراء، فبدلا" من أن نرفع شعار اليأس والاستسلام يجب أن نفكر ألف مرة بأن صحوتنا التي جسدت إفاقة بعد سبات ثلاثة وثلاثين عاماً هي أفضل وسيلة لنقدم لإنفسنا مبرراً مقنعاً يجعلنا نتناسى خزي وعار صمتنا الذي كان بسبب تلك السياسة التي تجيد القمع وإسكات أصوات الحق بامتياز يصل إلى مرتبة الحقارة... وكما يُقال اليد الواحدة ماتصفق، لكن اليوم بعد أن اجتمعت قلوب شعب وتوحد شعار وطن فلا مكان للخوف، فإرادة الشعب أقوى وأكبر من جميع الأسلحة والوسائل القمعية التي تُستخدم، فلا مجال للتخاذل ولامبرر للصمت، فاجعلوا عزيزة وتفاحة وكثير غيرهن خير نموذج يُقتدى به، فقد أثبتن بان الرجولة ليست شنب وعضلات وإنما هي مواقف عظيمة بحجم عظمة الوطن وبأن الشجاعة الحقيقية لا تكمن في التخفي وراء ستار الإستعارة لقول كلمة حق وإنما تكمن في وجودك في ساحات التغيير لتقول أنا فلان مواطن يمني خرجت أبحث عن كرامتي التي فقدتها في ظل نظام سلبني احترام ذاتي عندما حكم عليَّ بالصمت المفروض خلف قضبان التهديد والوعيد في سجن الواقع الذي أرى فيه مسرحاً لانتهاكات الحقوق والحُريات....أما إذا كنت قادراً على إيصال رسالتك بقلم جريء ينصر الحق، فأكتب مقالك وأجعل أسمك نبراساً يضيء دروب الظلام لتُعلن بذلك الجهاد بكلمة حق تقولها في وجه سلطان جائر، ما أعظمه!! من جهاد وما أعظمه !!من قلم حي يتغلب على سكرات التردد والخوف ـ فلا مجال للخوف، علينا أن نفسح المجال أمام أحلامنا ونفتح للتفاؤل بالغد ألف باب ونكسر حواجز التقاعس ونتحدث بلغة راقية تجعلنا نتحاور بكلام يتسم بالعلو والرفعة اللذين لا يُكتسبان إلا إذا صارت لغتنا هي الحُرية، هذه اللغة التي تجعل البشر يرتقون إلى الإنسانية لان مصدرها عقل راجح لا يقبل الذل والانكسار وتجعلنا نترفع بأن نكون كالبهائم يقودنا رجل جاهل لا يعرف المسار والاتجاه الذي يقودنا إليه، فنحن قد كرمنا الله عز وجل بالعقل وميزنا به عن سائر المخلوقات، فيجب أن نحافظ على هذا التكريم والسبيل لذلك أن نُعلن إنسانيتنا في وجه من يريد أن يقتل كرامتنا ويعتقل إرادتنا ويسجن حُرياتنا...فلسنا بحاجة لصفعة أخرى من الزمن كي نفوق من ذلك السبات الذي جعلنا نغفو على حصير قبول العيشة الضنكا التي ظهرت ملامحها في فقر وجوع ومرض وبطالة وجهل، فلن تكون هناك فرصة أخرى لُنعلن انتمائنا إلى الإنسانية سوى هذه الثورة العظيمة التي انتفضت فيها عقول حكيمة وقلوب مؤمنة.
*بقايا حبر:
قد يكتشف الإنسان بأن سر التخلص من قهر مزمن بداخله، يكمن في اتخاذ قرار صارم يفصل ماضيه عن حاضره ويجعله يبتسم برض في وجه قدر لم يمنحه أكثر من نصيبه.
naaemalkhoulidi23@hotmail.com
نعائم شائف عون الخليدي
لنتحدث بلغة راقية اسمها الحُرية 2399