;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

الثورة الشبابية الشعبية السلمية ومصلحة الوطن والمواطن 2519

2011-11-20 11:46:24


تستهدف الثورة الشبابية الشعبية السلمية تحقيق مصلحة الوطن والمواطن، بخروج الوطن من دائرة الزيف والمراوغة والتضليل والمكر والخداع والبهتان، والزور، واختلاق الإفك، وقذف المحصنات، والكذب على مرأى من الناس ومسمع، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر" رواه مسلم.
 إن الثورة السلمية تحقيق لمصلحة الوطن والمواطن في تحرير اليمن من الاستبداد والاستعمار والاستكبار، الذي صادر حرية اليمن، وادعى أنه لا يوجد في يمن الإيمان والفقه والحكمة يد أمينة، لم يأذن الله بالاستبداد في فطام طفل، قال الله تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} (233) سورة البقرة، فأمر سبحانه بأن يتشاور الوالدان ويتراجعان القول ويديران الشورى بينهما في فطام طفل.
إن الشريعة المطهرة لا تقبل الاستبداد في الحكم في تقدير عقوبة من يقتل الصيد في الحرم، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} (95) سورة المائدة. فلا يصح للحاكم ولو كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أو عمر بن الخطاب أن ينفرد برأيه بل فرض عليه القرآن الكريم أن يجمع إلى رأيه رأي غيره في أرنبة قتلها محرم، فكيف الاستبداد بأمة كاملة.
وتأتي مصلحة الوطن والمواطن كذلك من خلال دحر القوى الظلامية المتسلطة التي تقتل كل شيء جميل في هذا الوطن، تقتل الأطفال في عمر أنس، وتغتال الطفولة في شخص مرام، وتيتم الزهرات في عمر عتاب، وتعتدي على النساء تقتيلا في تعز وغيرها، وتردي شباب اليمن قتلى وهم في محراب الصلاة حال فراغهم من صلاة الجمعة في جمعة الكرامة، تخرب البيوت القائمة، وتدمر الآبار الموجودة، وتشرد الآلاف من الأبرياء بامتداد الوطن الحبيب، والقتل حرام حرام حرام، قال الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "يجيء الرجل آخذا بيد الرجل؛ فيقول: يا رب، هذا قتلني. فيقول الله له: لِـمَ قتلته؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لك، فيقول: فإنها لي، ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل؛ فيقول: إن هذا قتلني، فيقول الله له: لِـمَ قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لفلان. فيقول: إنها ليست لفلان فيبوء بإثمه" رواه النسائي والطبراني في المعجم الكبير وفي الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان وفي السنن الكبرى، وصححه الألباني. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه، متلببا قالته بيده الأخرى؛ يشخب أوداجه دما، حتى يأتي به العرش، فيقول المقتول لله: رب هذا قتلني. فيقول الله عز وجل للقاتل : تعست ويذهب به إلى النار" رواه الطبراني. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ومن قتل عمدا فهو قود يده (قصاص) من حال دونه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا" رواه الدار قطني.
إن الثورة ميلاد عهد جديد لا مكان فيه لمنع تطبيق القانون بالتوجيهات العليا، لأن ذلك ضياع للأمة، وبخاصة في حد من حدود الله، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينـزع عنه، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال (الوحل الشديد) حتى يخرج مما قال" رواه أبو داود وصححه الألباني.
يا ترى هل يقرأ الإعلاميون من كل الأطياف هذا الهدي النبوي الكريم، وهل لديهم خوف من الله يحول بينهم وبين اختلاق الإفك، وقول الكذب، وافتراء البهتان، والله تعالى يقول: {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} (61) سورة طـه. أم هانت عليهم أنفسهم فلم يبالوا بسخط الله لإرضاء المخلوقين، تأمل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينـزع عنه" فهل يقوى أحد على سخط الله، ثم تأمل وهم يتهمون عباد الله ليس فردا واحدا بل آلاف كثيرون من الناس، فيتهمون أحزابا ومؤسسات وغيرها، بما ليس فيهم، ألا فليسمعوا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث: " ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال (الوحل الشديد) حتى يخرج مما قال ".
لقد كان الناس يكذبون في الزمن الماضي سواء أكانوا ملوكا أم من عامة الناس، ولم يكن هناك تسجيل لكذبهم سوى الذاكرة، أما اليوم فإن كذب الكذابين من الملوك والرؤساء والإعلاميين مسجل بالصوت والصورة، إنه كذب مشهود، لا يستطيع أحد منهم نكرانه ولا الادعاء ببطلانه.
إن هذا الشعب المسالم الحضاري قادر بفضل الله تعالى على المضي قدما في ثورته السلمية لتحقيق مصلحة الوطن والمواطن، فما قامت هذه الثورة إلا لأجل أن تحقق كل نفع لكل إنسان، وأن الخير لكل إنسان، وأن تصنع الإيجابيات لكل فرد، وتزيل سلبيات النظام البائس عن كل أحد.
إن الثورة الشبابية الشعبية السلمية تبني يمنا جديدا، يمنا تتمثل فيه معاني قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية" يمن يهتف فيه الشعب "ما لنا إلا الله"، بدلا عن هتافات جموع النظام البائس: ما لنا إلا علي. وفي اليمن الجديد يتوارى علماء السلطان من حملة المباخر والمجامر والفتاوى الجاهزة المفصلة تفصيلا على ما يريد الحاكم، بل وأكثر مما يريد، فإذا بهم يفتون بقتل الملايين من اليمنيين، في فتوى جماعية لم يسبقهم إلى فعلتهم الشنعاء فيها أحد من الناس، فخانوا الأمانة عن علم، وباعوا دينهم علانية على رؤوس الأشهاد، في البث التلفزيوني. وفي اليمن الجديد تسود الحكمة اليمانية فبها ومن خلالها نتآلف ولا نقتتل، ونتصالح ولا نختصم، بعد أن جعل النظام البائس اليمن مسرحا للصراعات المفتعلة، والأزمات المنظمة من السلطة، ومن العجب أنه يريد حوارا تحت رعايته بعد أن سفك كل هذا الدم الطاهر، وأزهق كل هذه الأرواح الزكية، ويتم كل هؤلاء البنين والبنات، ورمل كل هذه النساء اليمنيات، وأحرق قلوب الآباء والأمهات، ودمر اليمن البشر والشجر والحجر بتخريب البيوت، يأتي يقول حوارا، وكأن شعب الحكمة لا عقل له، ولا ضمير لديه، إن جرائم النظام مسجلة بالصوت والصورة في يوم جمعة الكرامة و أربعاء بنك الدم، وأربعاء الملعب الرياضي، ومحرقة أبين، وحرق المعاقين في تعز، وجرائم القاع وجولة كنتاكي، وقتل المعتصمات المصليات والخطيب يخطب في ساحة تعز، وغيرها من الجرائم المسجلة صوتا وصورة. وفي الحديث الصحيح عند أبي داود وغيره "من قتل عمدا فقود يديه فمن حال بينه وبينه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".
إن الثورة السلمية تدرك عظيم ما تقوم به، وتدرك أيضا عظمة المشاق التي تواجهها من المفسدين المتربحين من الفساد، فلولا الفساد لما كانوا شيئا يذكر، ومن المتنعمين من سرقة حقوق الناس والمال العام، وهم كانوا قبل تولي السلطة أفقر الناس، لا يملكون شيئا، ومن المترفين من أصحاب الكسب غير المشروع فجعلوا اليمن مرتعا لهم ولعيالهم، فلعيالهم المناصب العسكرية العليا، والألقاب القيادية الكبيرة، والصلاحية المطلقة، ولأبناء اليمن كله الحرمان من أبسط مقومات الحياة الكهرباء أو الماء أو توفير المشتقات النفطية.
إن هؤلاء المتربحون من الفساد والمتنعمين به، والذين يعدون اليمن غنيمة لهم، وفيدا يتفيدونه سيقفون في وجه بناء اليمن الجديد، ولأنهم يريدون اليمن مباحا لمطامعهم، واليمنيين خدما لهم لأولادهم، وأدوات لتحقيق مطامعهم، ومآربهم، وأهوائهم، ويصرون أن تبقى اليمن أرضا وإنسانا تحت سطوتهم، يستبدون بالبلاد والعباد، ويسيمون اليمن ألوان العذاب، فسلطوا على الشعب المحروم من خيرات النفط والثروات المعدنية وكل موارد الدولة غلاء الأسعار الذي طال كل شيء مما يسيطرون عليه، ومارسوا أبشع أنواع العقاب الجماعي على المواطنين فقطعوا التيار الكهربائي ويتهموا غيرهم والله تعالى يقول: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (112) سورة النساء. فإن كنتم عاجزين عن إحضار الجناة فهل قوتكم فقط هي في قتل النساء في تعز وقتل الأطفال في صنعاء وإزهاق أرواح اليمنيين في طول الوطن وعرضه. لأجل ذلك كله قامت الثورة للحفاظ على الإنسان اليمني فيقتل كل قاتل، ولحفظ الثروة اليمنية فتسترد الخزينة العامة أموالها التي نهبها النظام الفاسد، وتصان الأعراض فلا تتهم الشخصيات والأحزاب والمواطنين بما ليس فيهم، وحماية الدين من علماء السوء الذين جعلوا الدين لتوطيد حكم الظلمة، مع أن الإسلام ما جاء إلا لقويض حكم الظالمين، قال ربعي بن عامر بين يدي رستم: إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
وللمتفرجين نقول قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من امرئ يخذل امرئ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في مواطن يحب نصرته.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد