حتى الآن والحكام العرب لا زالوا يتعاملون مع شعوبهم بعقلية الماضي ويتخاطبون معهم بلغة عفى عنها الزمن، يظنون أن ما يحدث من انتفاضات مناوئة لهم ما هي إلا سحابة صيف ستمر من فوق رؤوسهم بسلام.
هل هم بالفعل أغبياء أم يتظاهرون بالغباء؟ هذا سؤال موجه لكل شخص عربي مازال جاحداً ولم يؤمن بربيع الثورة العربية أو يحاول الوقوف أمام طريقها، إن كل من يراهنون على القوة العسكرية أو القوة البلطجية التي تتمتع بها الأنظمة العربية الدكتاتورية ويظنون انه بالإمكان للأنظمة العربية تجاوز الموقف بطريقة أو بأخرى سواء سياسياً أو عسكرياً رهانهم خاسرة هذه رسالة يجب أن يفهمها الجميع، خصوصاً أولئك الذين لا زالوا يصنعون الحلول السياسية ويقدمون المبادرات على طاولة الحوار معتبرين ما يحدث أزمة ممكن تجاوزها، نقول لهم هذه ليست أزمة وإنما ثورة شعب لا تقبل المساومة على دماء الشهداء حتى لو قدمتم المبادرات تلو المبادرات أو حاولتم استدراج بعض المكونات السياسية نحو شي اسمه الحوار لن تتزحزح أقدامنا قيد أنملة فالمبادرات أو الحوارات لا تعنينا وليس هدفنا لأننا لن نخرج إلى الساحات من أجل الحوارات أو التوقيع على المبادرات بل خرجنا من أجل ثورة متكاملة غير منقوصة ضد نظام كهنوتي متخلف جثم على صدورنا "33" عاماً واستخدم معنا كل شيئاً قبيح، لم يفكر بفعله حتى إبليس.
أيها المقدمون للمبادرات، أيها المتحاورون، حسناً لا تقحموا الشعوب بعدائهم لكم ولا تجربوا صبرهم فصبرهم متين فلو نفذ فلا تلوموا إلا أنفسكم، أنتم في الحقيقة تريدون اغتيال الثورة ليس أكثر، لكن نقول لكم لن تستطيعوا لأن الثورة أتت لتحيا لا لتموت اذهبوا بمبادرتكم إن بضاعتكم ردت إليكم.
لعل من المفيد القول من خلال فهمنا للواقع السياسي إن المبادرة الخليجية ما هي إلا خارطة طريق تم إعدادها من قبل فرقاء السياسة وتم تعديل صيغتها أكثر من مرة من قبل أطراف خارجية معنية، لها مصالح خاصة في اليمن قد تكون قريبة أو بعيدة وبالتالي هي ليست أكثر من مجرد عمل ترميمي للنظام السابق مع الحفاظ على جذوره في الوسط السياسي واستبدال بعض رموزه الذين تم الاستغناء عنهم برموز أخرى يتم التحضير لهم حالياً.
لا شك أن المبادرة الخليجية ما هي إلا مشروع إجهاضي لاغتيال الثورة اليمنية على طاولة الحوار، حيث ابدأ الثوار قلقهم إزاء ما يحدث من مناورات سياسية لم تنته بعد كانت سبباً رئيساً لعرقلة الثورة ومدى تأخرها بات ضحيتها الشباب دون أن يكون لهم أي باع أو مصلحة لأنها جاءت مخاطبة لفئة واحدة في المجتمع اليمني هي الفئة السياسية المتمثلة بالنظام البائد والمعارضة السياسية التي فضلت العمل السياسي عن الفعل الثوري مع إلغاء المكونات الأخرى لاسيما الشباب أولئك الذين أشعلوا جذوة الثورة وهم جزاء منها إن لم يكونوا عمودها الفقري، لذا يجب على كل من النظام والمعارضة وأيضاً المجتمع الدولي أن يتفهموا الموضوع جيداً وأن لا ينظروا للثورة اليمنية كأزمة سياسية لأن المكون الشبابي والذي يعتبر الأهم كما أسلفنا لا زال متحفظاً برأيه حتى اللحظة لأنه يعيش فعل ثوري مستمر يرفض أي عمل سياسي معتبراً أي حوار أو مفاوضة مع النظام خيانة لدماء الشهداء والوطن.
حقيقةً ما يجري اليوم في محافظة تعز من قتل وتنكيل متزامناً مع أنباء عن اقتراب موعد التوقيع على المبادرة الخليجية دون الآلية ليس أقل من حرب ضد الإنسانية أمام صمت عربي ودولي هذا شي مؤسف للغاية بالتأكيد يكشف مدى إفلاس هذا النظام المتهالك وحقده على تلك المحافظة الرائعة تعز الثقافة تعز الشموخ تعز الثورة والتاريخ.
إذاً ماذا تعني المبادرة الخليجية بالنسبة لنا وآلياتها التي باتت نقطة خلاف هل يعني ذلك الخلاف مزيداً من الدماء أم أنها الآلية بعينها.