;
علي عبدالملك الشيباني
علي عبدالملك الشيباني

علي محسن.. من منكم بلا خطيئة فليرمه بحجر !! 2287

2011-11-17 16:43:08


قبل أربعة أشهر تقريباً، التقيت الأستاذ المناضل/ أحمد القميري - عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح- عقب أدائنا لصلاة الجمعة في جامع مدينة الحمدي السكنية – المحاذية للسفارة الأميركية- سألني عن مكان سكني، أجبته في هذه المدينة، مضيفاً إنهـا إحدى منجزات الشهيد وفيها تسكن كل محافظات الجمهورية، نظراً إلى مبانيها وساحاتهـا، ثم التفت نحوي قائلاً: لقد ارتكبنا خطأ كبيراً بوقوفنـا ضد هذا الرجـل.
استعدت ما قاله القميري وأنا أستمع لخطاب اللواء/ علي محسن عشية عيد الأضحى المبارك، وقد رأيت فيه مدخلاً مناسباً للخوض في موضوع اعتقده مهم جداً، خاصة في هذه المرحلة من حياتنـا، يتمثل بالوقوف الجاد أمام كم الأخطاء التي ارتكبناها خلال العقود الماضية حزبياً وشعبياً، وكيف أن الاعتراف بهـا – من وجهة نظري- يؤسس لمرحلة مختلفة بآفاقها الوطنية والسياسية والاجتماعية.
حقيقة لم يقتصر خطأ الحركة الإسلامية عند حدود ما اعترف به الأستاذ/ القميري، فقد استخدمها النظام في مواجهة وتكفير الحركة الوطنية، وبناءً عليه تكفلت بمقاتلة الجبهة الوطنية في المناطق الوسطى وغيرهـا، ومن ثم تشكيل التجمع اليمني للإصلاح لمواجهة الحزب الاشتراكي بعد الوحدة نيابة عن المؤتمر الشعبي الذي كان مقيداً باتفاقياتها كما جاء في مذكرات الشيخ/ عبدالله.. بيد أن حرب 94م ومشاركة الإصلاح الفاعلة فيهـا مثل أفدح الأخطاء التي ارتكبتها الحركة الإسلامية في حق المشروع الوطني الديمقراطي الذي كان يحمل لواءه شريك الوحدة آنذاك ومازال، ولكن هـل اقتصرت أخطاؤنا عند حدود ما اقترفته الحركة الإسلامية لوحدهـا؟! بالتأكيد لا.
إذ ارتكب الحزب الاشتراكي ما هو أفدح، حين انتهج النظام الاشتراكي العلمي في بلد لا يتوفر فيه الحد الأدنى من مقومات هكذا نظام، مروراً بدورات العنف الناتجة عن غياب المشروع الديمقراطي، أقساهـا على الإطلاق أحداث 13 يناير 86م، تاريخ الهزيمة الحقيقية للجنوب وما ترتب عليه من انقسامات اجتماعية وعسكرية شكلت المقدمة الأساسية لهزيمة 94م، مختتماً سلسلة أخطاءه بوحدة اندماجية غير مدروسة، ومن ثم الإدارة السيئة سياسياً وعسكرياً لأزمة ما قبل الحرب قادت الوحدويين الحقيقيين إلى خارج البلاد موصوفين بالانفصالية والعمالة، وترسخ علي صالح في أذهان الناس زوراً ولو لفترة من الزمن كوحدوي مع أن لا علاقة له بهـذا الإنجاز من الناحية الوطنية، وفي النهاية كل هذا الانقسام الوطني بين جنوب اليمن وشماله.
وعلى صعيد متصل، فإن الحركة الناصرية هي الأخرى – وأنا أحد كوادرهـا- ليست بمنأى عن تحمل جزء من مسؤولية استمرار هذا النظام طوال "33" عاماً.
عقب اغتيال الحمدي، وبدلاً عن امتلاك زمام المبادرة وإعادة الأوضاع إلى مسارهـا السابق ومن ثم اقتياد القتلة إلى ميدان التحرير كي نغرقهم ببصاقنا، بدلاً عن ذلك ذهب الناصريون مدنيون وعسكريون يكفكفون دموعهم كالعجائز، تاركين للقتلة حرية الحركة وعمل كل ما أدى إلى ترتيب أوضاعهـم.
وفي ظل تأييد شعبي وعسكري ومطالبة بالكشف عن ملابسات اغتيال الشهيد والثأر له، غادر عبدالله عبدالعالم إلى قريته بطريقة لا نجد لهـا مبرراً، في وقت كان يتوجب عليه قيادة عمل ما، هكذا على الأقل نظر إليه المواطن باعتبار موقعه الرسمي وقربه الشديد من الحمدي.
في مواجهة هكذا حال، انتفض مجموعة من شباب اليمن العام 78 فيما سمي بحركة 15 أكتوبر الناصرية بقيادة الخالد/ عيسى محمد سيف، غير أن الحركة فشلت لأسباب لم يكشف عنها حتى الآن، عدا ما يتردد عن إصرار قائدهـا على سلمية الحركة الانقلابية أسوةً بحركة 13 يونيو، نتج عن هذا الفعل الثوري إعدام 22 من قادة الطلائع الناصرية مدنيين وعسكريين ولم يكشف عن مكان دفنهم حتى اللحظة.
على ذات الصعيد يتحمل التنظيم الوحدوي الناصري النصيب الأكبر في عدم التنسيق الجيد مع الحزب الاشتراكي في انتخابات 93م والتسبب بضياع 35 دائرة انتخابية في محافظة تعز لوحدهـا، ثم موافقته على خوض انتخابات 97م في موقف مغاير لموقف الحزب المقاطع لها، مكسباً إياهـا بذلك شرعية لا تستحقهـا على الرغم من معرفته المسبقة بنتائجها المزورة.
ما يتعلق بتاريخ "بعث قاسم سلام"، فحدث ولا حرج منذ انقلابه في 5 نوفمبر 97م بتحالفه مع القوى الرجعية وحتى اليوم، مع شديد احترامي لمن تبقى من كوادر الحزب المتواجدة في كل ساحات الحرية وميادين التغيير.
ومرةً أخرى، هل توقفت أخطاؤنـا عن هذا المستوى؟، بالتأكيد لا.. إذ يتحمل بيت الأحمر مسؤولية كبيرة بدعمها للنظام طوال السنوات الماضية كذلك هم قوات ما كان يطلق عليهم بـ"الزمرة"،والذين ذهبوا للقتال ببسالة شديدة رغبة في الانتقام لا أكثر، ولم يكونوا يعلموا أنهم مجرد مستخدمين وأنهم والإصلاح أكلوا يوم أكل الثورة الأبيض.
على المستوى الشعبي العام، أخطاء أبناء المحافظات المدنية وأحزابهـا تحديداً بنظرتهم لأبناء المناطق القبلية باعتبارهم متخلفين ومعيقين لأي مشروع يتضمن بناء دولة مدنية حديثة، مع أن مهام الأحزاب الوطنية قبل كل شيء هي العمل والنشاط في مثل هذه المناطق وبما يساعد على رفع مستوى الوعي العام لدى سكانهـا.
بالمقابل، تعامل أبناء هذه المناطق مع أبناء المحافظات المدنية على أنهم شيوعيون وأن مشروعهم المدني يستهدف كيانهم الاجتماعي، هكذا علمهم النظام والمنتفعون من المشائخ وبما يبقيهم بندقاً على كتف السلطة يتفاخرون بحمل السلاح والثارات القبلية وأسيري لثقافة "ونعم قتالة".
ومع تقديرنا لطفح أبناء المحافظات الجنوبية، إلاَّ أن الحراك أخطأ حين صور القضية الجنوبية وكأنه صراع جغرافي بين شمال وجنوب، وليس بين مشروعين متناقضين، هزم الوطني بأدوات شمالية وجنوبية ومعه هزمنا جميعاً، وانتصر الأسري بأدوات شمالية وجنوبية أيضاً ومعه انتصرت قوى التخلف واللادولة، برر الحراكيون موقفهم بسكوت وسلبية الشارع الشمالي تجاه سياسيات السلطة بحق الجنوب، ولكن عندما ثار الشارع الشمالي على هذا النحو الذي نعيشه خلال 10 أشهر، أريق خلالها دماء الشهداء والجرحى في معظم محافظات البلاد انكفأ الحراكيون على أنفسهم وامتهن البعض قطع الطرقات وإيذاء الغير .
الحوثيون من ناحيتهم، وفي الوقت الذي يواجه فيه الشعب آلة الدمار والقتل، ويثورون على نظام الجهل والفساد الأسرية، تفرغوا للتوسع المذهبي المسلح في محافظات شمال الشمال، في تصرف مخالف للتوجه الثوري العام في البلاد، شخصياً لا أخشى أفعالهم، فقيام دولة مدنية ديمقراطية كفيله بحشرهم في نطاق جغرافي ضيق ما لم يتبنوا مشروعاً بأفق وطنية .
هكذا يوجه الحراكيون والحوثيون الآن طعناتهم الغادرة إلى ظهر الثورة وشهدائها وجرحاها وجماهيرها عموماً.
وفي المحصلة أخطاء الشعب اليمني كله بسكوته عن سياسات الفساد والإفساد والجهل والعبث التي مارسهـا النظام طوال "33" عاماً.. هكذا تغذى النظام على أخطائنا وعاش عليها وعلينا جميعاً، ينبغي الاعتراف بذلك بهدف تجاوزهـا والتأسيس لدولة مدنية، دولة النظام والقانون والمواطنة والتي توحد الجميع تحت شعار المطالبة بهـا والنضال من أجل إقامتهـا في كل ساحات الحرية وميادين التغيير.
وبالعودة إلى خطاب اللواء /علي محسن - عشية عيد الأضحى- لا يسعني حياله سوى القول بأنه كان خطاباً تاريخياً بكل المقاييس، رد بمضامينه المتعددة على كل الشائعات التي تطلقها السلطة وتروجها عبر مخبريها على وسائل النقل وفي الأماكن العامة، بل وأزالت التوجسات لدى من كانوا يشككون بدوافع انضمامه للثورة لدرجة أن أحد هؤلاء هاتفني في نفس الليلة قائلاً: هل سمعت كلمة علي محسن، مضيفاً لقد شعرت بدفء كلماتها وصدق ما جاء فيها .
اعتذر اللواء عن دعمه للنظام طوال السنوات الماضية، معلناً في نفس الوقت عن استعداده الكامل للوقوف أمام محكمة الثورة كشاهد على جرائم علي صالح أو مظلمة يتقدم بها أي من الناس.. لغة جديدة لم تطرق طبلات آذاننا من قبل، إنها عظمة الثورة التي أنضجت مواقفنا ورؤانا، وصوبت مسلكنا ونظرتنا تجاه الآخر .
لقد لمسنا وشاهدنا تأثير الخطاب ووقع قوة مضامينه على الطرف الآخر من خلال بث مقاطع منه على قنواته الفضائية والتعليق عليه بطريقتهم السمجة والتقليدية، كذلك من خلال كلمة "سلطان العبودية المختارة" التي ألقاها في اجتماعه ببعض سكان صنعاء القديمة، واعتذاره عن سقوط ضحايا جراء قصفهم الهمجي، في تقليد واضح لاعتذار علي محسن، وتناوله له على ذلكم النحو الشبيه بسلوك المجتمع النسائي القروي .
لا شك أن علي محسن، وبهذه المواقف الاستثنائية المتتالية، قد أدرك أن الوصول إلى قلوب الناس لا يأتي عن طريق الرتب العالية والمناصب الكبيرة، بل عبر طرق أخرى، طرق الوقوف إلى جانب حلم البسطاء والاصطفاف مع تطلعاتهم بوطن جميل يتساوى فيه كل مكوناته الاجتماعية، تحفظ فيه كرامة المواطن وحريته.
في مقاله سابقة، كتبت عن الرجل أنه وكما أدهشنا بموقف انضمامه للثورة، فإنه سيدهشنا بما هو أكثر، وها هو يفعل ذلك.. وبناءً عليه أستطيع القول بكل ثقة إن اللواء علي محسن وعند اطمئنانه على وصول سفينة الثورة إلى بر الأمان، سيختتم مواقفه الوطنية بمسك تخليه عن العمل الرسمي والتفرغ لحياته العائلية وكتابة مذكراته، فمرحباً بك سيدي اسماً محترماً وخالداً في ذاكرة الأجيال اليمنية ووجدانها، إلى جانب الحمدي وفتاح وسالمين وعبدالرقيب والعواضي وقناف زهرة والشحاري وعيسى وجارالله عمر وقائد الشيباني وغيرهم ممن ساهموا في إحداث التحولات الوطنية في اليمن الحبيب .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد